الرَّهْنِ لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَيَرُدُّ الرَّهْنَ لِرَبِّهِ مُطْلَقًا، وَإِنْ فَرَّطَ لِفَسَادِهِ، وَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ مَا تَلِفَ مِنْهَا بِتَفْرِيطِهِ أَوْ تَعَدِّيهِ؛ (كَحَيَوَانٍ مُوصَى بِنَفْعِهِ) تَلِفَ بَعْدَ قَبْضِهِ (عِنْدَ مُوصٍ لَهُ) ؛ فَلَا يَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُ مُسْتَحَقٌّ لِقَابِضِهِ، وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يَرْوِيهِ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَمْرٌو وَعُبَيْدٌ ضَعِيفَانِ قَالَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ؛ فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى ضَمَانِ الْأَجْزَاءِ التَّالِفَةِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ كَانَ تَخْصِيصًا فَلِمَا عَارَضَهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْمُخَصِّصَةِ لَهُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمُغِلَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لَيْسَ بِمَأْخُوذٍ مِنْ الْجِنَايَةِ وَالْغُلُولِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ اسْتِغْلَالِ الْغَلَّةِ، يُقَالُ هَذَا غَلٌّ فَهُوَ مُغِلٌّ إذَا أَخَذَ الْغَلَّةَ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْخَبَرِ، لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُتَنَقِّلِ أَيْ: غَيْرَ الْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ يَصِيرُ مُسْتَغِلًّا، وَمُرَادُهُمْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُعِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَيْنِ الْمُعَارَةِ، فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَضْمَنُهَا بِتَلَفِهَا عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطَ.
(وَيَتَّجِهُ بِاحْتِمَالٍ) قَوِيٍّ (وَكَذَا) - أَيْ كَكُتُبِ الْعِلْمِ وَالسِّلَاحِ وَالْحَيَوَانِ الْمُوصَى بِنَفْعِهِ فِي الْحُكْمِ - حُكْمُ (عَوَارٍ غَيْرِ مَنْقُولَةٍ؛ كَعَقَارٍ) مِنْ دَارٍ وَنَحْوِهَا (خُسِفَ) ؛ أَيْ: ذَهَبَ فِي الْأَرْضِ، وَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ خَسْفًا؛ أَيْ: غَابَ بِهِ فِيهَا، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ} [القصص: ٨١] وَخَسَفَ هُوَ فِي الْأَرْض، وَخَسَفَ بِهِ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ، (أَوْ هُدِمَ بِنَحْوِ صَاعِقَةٍ) كَمَطَرٍ وَبَرَدٍ وَثَلْجٍ (أَوْ زَلْزَلَةٍ أَوْ بِمُرُورِ الزَّمَانِ) ؛ فَلَا يَضْمَنُ مَنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ؛ لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute