الْإِجَارَةِ مَعَ دَعْوَى الْمَالِكِ الْغَصْبَ هُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ، مُخْتَلِفَانِ فِي ضَمَانِ الْعَيْنِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ، فَيَغْرَمُ الْقَابِضُ قِيمَتَهَا فِي صُورَتَيْ دَعْوَى الْإِجَارَةِ وَدَعْوَى الْعَارِيَّةِ حَيْثُ ادَّعَى الْمَالِكُ الْغَصْبَ فِيهِمَا، وَيَغْرَمُ الْقَابِضُ أَيْضًا أُجْرَةَ مِثْلِهَا إلَى حِينِ التَّلَفِ فِيهِمَا، (أَوْ) قَالَ الْمَالِكُ: (أَعَرْتُكَ الْعَيْنَ قَالَ) الْقَابِضُ: (بَلْ آجَرْتَنِي - وَالْبَهِيمَةُ تَالِفَةٌ - فَقَوْلُ مَالِكٍ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَابِضِ بِمَالِ غَيْرِهِ الضَّمَانُ، (وَكَذَا) لَوْ قَالَ الْقَابِضُ: (أَعَرْتَنِي، أَوْ قَالَ: آجَرْتَنِي، فَقَالَ) الْمَالِكُ: (غَصَبْتَنِي) - وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ - فَقَوْلُ مَالِكٍ بِيَمِينِهِ (فِي) وُجُوبِ (الْأُجْرَةِ، وَ) فِي وُجُوبِ (رَفْعِ الْيَدِ) وَرَدِّ الْعَيْنِ لِمَالِكِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا يَدَّعِيهِ الْقَابِضُ، (وَ) إنْ قَالَ الْمَالِكُ: (أَعَرْتُكَ) ، فَقَالَ الْقَابِضُ: أَوْدَعْتَنِي؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ بِيَمِينِهِ، (أَوْ) قَالَ الْمَالِكُ: (غَصَبْتَنِي، فَقَالَ) الْقَابِضُ: (أَوْدَعْتَنِي؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ) بِيَمِينِهِ، (وَلَهُ) - أَيْ: الْمَالِكُ - عَلَى الْقَابِضِ (قِيمَةُ) عَيْنٍ (تَالِفَةٍ) ؛ لِثُبُوتِ حُكْمِ الْعَارِيَّةِ بِحَلِفِهِ عَلَيْهِ وَلَا أُجْرَةَ (وَكَذَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي (عَكْسِهَا) ؛ كَقَوْلِ الْمَالِكِ: (أَوْدَعْتُكَ، فَقَالَ) الْقَابِضُ: بَلْ (أَعَرْتَنِي) ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ أَيْضًا؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (وَلَهُ) - أَيْ: الْمَالِكُ - عَلَى الْقَابِضِ (أُجْرَةُ مَا انْتَفَعَ بِهَا) - أَيْ: الْعَيْنِ - وَيَرُدُّهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً، وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَنَافِعِ عَلَيْهِ، وَدَعْوَاهُ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّهَا بِأَنْ قَالَ مُسْتَعِيرٌ: رَدَدْتُهَا، وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ؛ فَقَوْلُ مَالِكٍ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّدِّ، وَكَالْمَدِينِ إذَا ادَّعَى أَدَاءَ الدَّيْنِ.
تَتِمَّةٌ: قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: مَنْ بَعَثَ رَسُولًا يَسْتَعِيرُ لَهُ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا مِنْ بَغْدَادَ إلَى الْكُوفَةِ مَثَلًا، فَجَاءَ إلَى الْمُعِيرِ، فَاسْتَعَارَهَا مِنْهُ لِيَرْكَبَهَا إلَى الْحِلَّةِ، فَرَكِبَهَا الْمُسْتَعِيرُ إلَى الْكُوفَةِ، وَلَا يَدْرِي، فَعَطِبَتْ؛ فَالضَّمَانُ عَلَى الرَّسُولِ إنْ اعْتَرَفَ بِالْكَذِبِ، وَإِنْ قَالَ لِلْمُسْتَعِيرِ: كَذَلِكَ أَمَرْتَنِي وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَعِيرُ؛ فَلَا يَكُونُ الرَّسُولُ هُنَا شَاهِدًا؛ لِأَنَّهُ خَصَمٌ، وَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ إلَى الْكُوفَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute