فَائِدَةٌ: إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْغِرَاسِ؛ فَالْوَاجِبُ قِيمَةُ الْغِرَاسِ، حَكَاهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ. .
(وَلَوْ) أَدْرَكَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (الثَّمَرَ) فِيهَا وَأَرَادَ أَخْذَهُ (فَقَطْ) دُونَ أَصْلِهِ (قَهْرًا) ؛ مُنِعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ ثَمَرُ شَجَرِ الْغَاصِبِ، فَكَانَ لَهُ؛ كَالْأَغْصَانِ وَالْوَرَقِ وَلَبَنِ الشَّاةِ وَنَسْلِهَا، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ تَمَلُّكُ الزَّرْعِ بِنَفَقَتِهِ؛ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا صَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ؛ لِلْأَثَرِ، فَيَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِهِ، وَلَا يُعَدَّى إلَى غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ الثَّمَرَةَ تُفَارِقُ الزَّرْعَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّ الزَّرْعَ نَمَاءُ الْأَرْضِ، فَكَانَ لِصَاحِبِهَا، وَالثَّمَرُ نَمَاءُ الشَّجَرِ؛ فَكَانَ لِصَاحِبِهِ. الثَّانِي - أَنَّهُ يَرُدُّ عِوَضَ الزَّرْعِ إذَا أَخَذَهُ مِثْلُ الْبَذْرِ الَّذِي نَبَتَ مِنْهُ الزَّرْعُ مَعَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ؛ وَلَا يُمْكِنُهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الثَّمَرَةِ.
تَنْبِيهٌ: وَإِنْ غَصَبَ شَجَرًا فَأَثْمَرَ؛ فَالثَّمَرُ لِصَاحِبِ الشَّجَرِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ عَيْنَ مِلْكِهِ نَمَا وَزَادَ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ طَالَتْ أَغْصَانُهُ، وَيَرُدُّ الثَّمَنَ إنْ كَانَ بَاقِيًا، وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ، وَإِنْ كَانَ رَطْبًا فَصَارَ تَمْرًا، أَوْ عِنَبًا فَصَارَ زَبِيبًا، فَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ، وَلَا شَيْءَ لَهُ بِعَمَلِهِ، وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلشَّجَرِ؛ لِأَنَّ أُجْرَتَهَا لَا تَجُوزُ فِي الْعُقُودِ؛ فَكَذَلِكَ فِي الْغَصْبِ، وَإِنْ نَفَعَ الشَّجَرَ تَرْبِيَةُ الثَّمَرِ وَإِخْرَاجُهُ، وَقَدْ عَادَتْ هَذِهِ الْمَنَافِعُ إلَى الْمَالِكِ، وَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَةً؛ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ وَلَدِهَا إنْ وَلَدَتْ عِنْدَهُ، وَضَمَانُ لَبَنِهَا بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَيَضْمَنُ أَوْبَارَهَا، وَأَشْعَارَهَا بِمِثْلِهِ؛ كَالْقُطْنِ.
(وَإِنْ وَهَبَ) الْغَاصِبُ الْغِرَاسَ أَوْ الْبِنَاءَ (لِمَالِكِهَا) - أَيْ: الْأَرْضِ - لِيَتَخَلَّصَ مِنْ قَلْعِهِ، فَقَبِلَهُ الْمَالِكُ؛ جَازَ؛ لِتَرَاضِيهِمَا، وَإِنْ أَبَى الْمَالِكُ قَبُولَ ذَلِكَ، وَكَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي قَلْعِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، أَوْ لَا؛ (لَمْ يُجْبَرْ) رَبُّ الْأَرْضِ (عَلَى قَبُولِهِ) مِنْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَيْهِ؛ فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ.
(وَ) إنْ زَرَعَ الْغَاصِبُ فِيهَا (نَوًى) ، فَصَارَ شَجَرًا، فَحُكْمُهُ (كَغَرْسٍ) كَمَا تَقَدَّمَ، (وَنَحْوُ رَطْبَةٍ) كَنَعْنَاعٍ وَبُقُولٍ مِمَّا يَخْرُجُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى (وَقِثَّاءٍ) يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ وَبَاذِنْجَانٍ؛ (كَزَرْعٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute