(فا) لِمَالِكَانِ (شَرِيكَانِ) فِي الْمُخْتَلَطِ (بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا، فَيُبَاعُ الْكُلُّ وَيَدْفَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَ حَقِّهِ؛ كَاخْتِلَاطِهِمَا مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَصَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى حَقِّهِ، فَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ عَنْ قِيمَتِهِ مُنْفَرِدًا؛ فَعَلَى الْغَاصِبِ النَّقْصُ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِ، وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَزَيْتٍ بِمَاءٍ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ تَحْصِيلُهُ خَلَّصَهُ، وَرَدَّهُ وَنَقَّصَهُ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُفْسِدُهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ.
(وَحَرُمَ تَصَرُّفُ غَاصِبٍ) فِي قَدْرِ مَالِهِ مِنْ الْمُخْتَلَطِ. (وَيَتَّجِهُ وَ) مِثْلُهُ (مَغْصُوبٌ مِنْهُ) مَالٌ، وَخُلِطَ بِغَيْرِ مُتَمَيِّزٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. (فِي قَدْرِ مَالِهِ فِيهِ) - أَيْ: الْمُخْتَلَطَ - بِدُونِ إذْنِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. لِاسْتِحَالَةِ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، فَإِنْ أَذِنَهُ مَالِكُ الْمَغْصُوبِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا، وَلِأَنَّهَا قِسْمَةٌ، فَلَا تَجُوزُ بِغَيْرِ رِضَى الشَّرِيكَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا لِلْغَاصِبِ إخْرَاجُ قَدْرِ الْحَرَامِ مِنْ الْمُخْتَلَطِ بِدُونِ إذْنِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتِرَاكٌ، لَا اسْتِهْلَاكٌ؛ فَلَا يُقَاسِمُ نَفْسَهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ؛ هَذَا قَدْ اخْتَلَطَ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ كُلِّهِ، وَيَتَصَدَّقَ، وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ قَالَ: يُخْرِجُ مِنْهُ قَدْرَ مَا خَالَطَهُ. هَذَا إنْ عَرَفَ رَبَّهُ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ، وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَهُ شَيْءٌ. وَإِنْ شَكَّ فِي قَدْرِ الْحَرَامِ تَصَدَّقَ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْهُ. نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ) لِإِنْسَانٍ (بِدِرْهَمَيْنِ) لِآخَرَ (وَلَا غَصْبَ) مِنْ أَحَدِهِمَا (لِآخَرَ وَلَا تَمْيِيزَ) لِأَحَدِ الْمَالَيْنِ عَنْ الْآخِرِ، (فَتَلِفَ) دِرْهَمَانِ (اثْنَانِ) مِنْ الثَّلَاثَةِ؛ (فَمَا بَقِيَ) - وَهُوَ دِرْهَمٌ - (فَهُوَ بَيْنَهُمَا) - أَيْ: بَيْنَ الدِّرْهَمَيْنِ وَالدِّرْهَمِ - (نِصْفَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّالِفُ الدِّرْهَمَيْنِ فَيَخْتَصُّ صَاحِبُ الدِّرْهَمِ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّالِفُ دِرْهَمًا لِهَذَا وَدِرْهَمًا لِهَذَا، فَيَخْتَصُّ صَاحِبُ الدِّرْهَمَيْنِ بِالْبَاقِي، فَتَسَاوَيَا، وَلَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ، وَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزٌ قَطْعًا، بِخِلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute