وَتَأْتِي بِهِ (مَعَ شُبْهَةٍ) مِنْ جَاهِلِ الْحَالِ؛ بِأَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ بِأَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فِي نَحْوِ ظُلْمَةٍ، أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَاصِبِ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ، أَوْ تَزَوَّجَهَا مِنْهُ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ، فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ؛ فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ (حُرٌّ) ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِلشُّبْهَةِ، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ وَنَقْصُ الْوِلَادَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ يَسْتَوِي فِيهِ الْجَاهِلُ وَالْعَالِمُ، وَكَوْنُهُ حُرًّا لِاعْتِقَادِ الْوَاطِئِ الْإِبَاحَةَ، وَنَسَبُهُ لَاحِقٌ لِلْغَاصِبِ لِلشُّبْهَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ جَاهِلًا (وَيَفْدِي) - أَيْ: يَلْزَمُ الْوَاطِئَ فِدَاءُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ بِتَفْوِيتِ رِقِّهِ بِاعْتِقَادِهِ (بِانْفِصَالِهِ حَيًّا) ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَضَعَتْهُ مَيِّتًا لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُوجَدْ حَيْلُولَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَيَكُونُ الْفِدَاءُ (بِقِيمَتِهِ) - أَيْ: الْوَلَدِ - نَصًّا؛ كَسَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ (يَوْمَ وَضْعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ حَالِ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ تَقْوِيمُهُ حَمْلًا، وَلِأَنَّهُ وَقْتُ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ.
وَإِنْ انْفَصَلَ الْمَحْكُومُ بِحُرِّيَّتِهِ مَيِّتًا مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ؛ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَإِنْ (كَانَ) انْفِصَالُهُ (بِجِنَايَةٍ) ؛ فَعَلَى [جَانٍ] الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ وُجِدَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْغَاصِبِ؛ فَعَلَيْهِ (غُرَّةٌ لِوَارِثِهِ) عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ كَأَنَّهُ وُلِدَ حَيًّا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ جَنِينًا حُرًّا، وَلَا يَرِثُ الْغَاصِبُ مِنْهَا شَيْئًا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ لَهُ.
(وَعَلَى غَاصِبٍ) لِلسَّيِّدِ (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) ، فَيَضْمَنُهُ لَهُ ضَمَانَ الْمَمَالِيكِ، وَلِهَذَا لَوْ وَضَعَتْهُ حَيًّا قَوَّمْنَاهُ مَمْلُوكًا وَقَدْ فَوَّتَ رِقَّهُ عَلَى سَيِّدِهِ. وَإِنْ كَانَ لِجِنَايَةٍ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ؛ فَعَلَى الْجَانِي الْغُرَّةُ يَرِثُهَا الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ أَبُو الْجَنِينِ دُونَ أُمِّهِ؛ لِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ، وَعَلَى الْغَاصِبِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْمَمَالِيكِ؛ لِكَوْنِهِ قَدْ فَوَّتَ رِقَّهُ عَلَى السَّيِّدِ، وَمَتَى انْتَقَلَتْ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ عَنْ يَدِ الْغَاصِبِ إلَى الْمَالِكِ، فَالْمُنْتَقِلَةُ إلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ فِي كَوْنِ الْمَالِكِ يَمْلِكُ تَضْمِينَهُ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ الْفَائِتَةَ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ كَانَ غَاصِبًا، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا؛ فَلِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» . وَلِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute