نَقْصِهِ وَأُجْرَتِهِ) مِنْ يَوْمِ غَصْبِهِ إلَى يَوْمِ تَلَفِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مَوْجُودَةً حَالَ الْغَصْبِ أَوْ حَدَثَتْ فِي الْمَغْصُوبِ، (فَإِنْ تَعَذَّرَ نَقْدُ) بَلَدِ غَصْبِهِ، بِأَنْ كَانَ فِيهِ نُقُودٌ؛ فَالْقِيمَةُ (مِنْ غَالِبِهِ) رَوَاجًا؛ لِانْصِرَافِ اللَّفْظِ إلَيْهِ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ مُطْلَقٍ (وَكَذَا) - أَيْ: كَالْمَغْصُوبِ فِيمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ - (مُتْلَفٌ بِلَا غَصْبٍ وَمَقْبُوضٌ يُضْمَنُ) ؛ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ يَجِبُ الضَّمَانُ فِي صَحِيحِهِ كَمَبِيعٍ، لَا نَحْوِ هِبَةٍ وَمَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ؛ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ سَوْمٍ مِمَّا لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُتْلِفِ لَهُ؛ فَيُضْمَنُ مِثْلِيٌّ بِمِثْلِهِ، وَمُتَقَوِّمٌ بِقِيمَتِهِ.
(وَمَنْ أَخَذَ) مِنْ آخَرَ شَيْئًا (مَعْلُومًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ) كَجَزَّارٍ وَزَيَّاتٍ، أَوْ أَخَذَ (حَوَائِجَ) مُتَقَوِّمَةً كَفَوَاكِهَ وَبُقُولٍ وَنَحْوِهِمَا (مِنْ بَقَّالٍ وَنَحْوِهِ) ، وَلَمْ يَقْطَعْ سِعْرَهُ (فِي أَيَّامٍ، ثُمَّ حَاسَبَهُ) عَلَى مَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ، (فَإِنَّهُ) لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَلَا الْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ، بَلْ (يُعْطِيهِ بِسِعْرِ يَوْمِ أَخْذِهِ) ؛ لِتَرَاضِيهِمَا عَلَى ذَلِكَ، وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَعَلَى هَذَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ، وَهَذَا الْعَقْدُ جَارٍ مَجْرَى الْفَاسِدِ؛ لِكَوْنِهِ لَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ الثَّمَنَ، لَكِنَّهُ صَحِيحٌ إقَامَةً لِلْعُرْفِ مَقَامَ النُّطْقِ، وَهَذَا - وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ إلَّا مَعَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ - أَوْلَى مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَاسِدٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ، بَلْ يَدَّعِي بِأَنَّ الثَّمَنَ فِي هَذِهِ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الْعُرْفِ، فَيَقُومُ مَقَامَ التَّصْرِيحِ بِهِ، (وَيُقَوَّمُ) الْمَوْزُونُ وَهُوَ (مَصَاغٌ مُبَاحٌ) - أَيْ: فِيهِ صِنَاعَةٌ مُبَاحَةٌ؛ وَكَمَعْمُولِ نُحَاسٍ وَرَصَاصٍ وَمَغْزُولِ صُوفٍ وَشَعْرٍ وَنَحْوِهِ كَمَغْزُولِ قُطْنٍ وَكَتَّانٍ، (أَوْ مُحَلًّى بِأَحَدِهِمَا) تَزِيدُ عَلَى وَزْنِهِ لِصِنَاعَتِهِ.
وَيُقَوَّمُ (تِبْرٌ تُخَالِفُ قِيمَتُهُ وَزْنَهُ) بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، بِنَقْدٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَإِنْ كَانَ الْمَصُوغُ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ؛ قُوِّمَ بِالْآخَرِ؛ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الرِّبَا، فَيُقَوَّمُ حُلِيُّ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، وَحُلِيُّ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ أَوْ كَانَ مُحَلًّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ؛ قُوِّمَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَيْضًا فِرَارًا مِنْ الرِّبَا. وَإِنْ كَانَ الْحُلِيُّ (مِنْهَا) - أَيْ: مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مَعًا؛ قَوَّمَهُ (بِأَيِّهِمَا شَاءَ) مِنْهُمَا؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute