الثِّيَابُ؛ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ؛ لَمْ يَضْمَنْ الْغَاصِبُ إلَّا عَشْرَةً، فَلَا تُزَادُ بِغَلَاءِ الثِّيَابِ، وَلَا تَنْقُصُ بِرُخْصِهَا. .
(وَ) يَجِبُ (فِي نَحْوِ قِنٍّ أَبَقَ) مِنْ غَاصِبِهِ، (وَجَمَلٍ) أَوْ فَرَسٍ (شَرَدَ) مِنْهُ، وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ مَعَ بَقَائِهِ (قِيمَتَهُ) - أَيْ: الْمَغْصُوبِ الْآبِقِ أَوْ الشَّارِدِ لِمَالِكِهِ؛ لِلْحَيْلُولَةِ، (وَيَمْلِكُهَا) - أَيْ: الْقِيمَةَ - (مَالِكُهُ) - أَيْ: الْمَغْصُوبِ - بِقَبْضِهَا، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ مِنْ أَجْلِ الْحَيْلُولَةِ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ (غَاصِبٌ مَغْصُوبًا بِدَفْعِهَا) - أَيْ: الْقِيمَةِ - لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِالْبَيْعِ؛ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ قَرِيبَهُ؛ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِالتَّضْمِينِ كَالتَّالِفِ.
قَالَ فِي " التَّلْخِيصِ ": وَلَا يُجْبَرُ الْمَالِكُ عَلَى أَخْذِهَا، وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهَا، وَلَا يَتَعَلَّقُ الْحَقُّ بِالْبَدَلِ، فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ جَوَازُ الْأَخْذِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، فَتُوقَفُ عَلَى خِيَرَتِهِ، (فَمَتَى قَدَرَ) غَاصِبٌ عَلَى آبِقٍ وَنَحْوِهِ؛ (رَدَّهُ) وُجُوبًا بِنَمَائِهِ الْمُتَّصِلِ وَالْمُنْفَصِلِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ، (وَأَخَذَهَا) ؛ أَيْ: أَخَذَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ بِعَيْنِهَا إنْ بَقِيَتْ؛ لِزَوَالِ الْحَيْلُولَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لِأَجْلِهَا (بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ) فَقَطْ مِنْ سَمْنٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهَا تَتْبَعُ فِي الْفُسُوخِ، وَلَا يَرُدُّ مَعَ الْقِيمَةِ زِيَادَتَهَا (الْمُنْفَصِلَةَ) كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ بِلَا نِزَاعٍ.
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ " [؛ لِأَنَّهَا] وُجِدَتْ فِي مِلْكِهِ، وَلَا تَتْبَعُ فِي الْفُسُوخِ، فَأَشْبَهَتْ زِيَادَةَ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ بِعَيْبٍ. قَالَ الْمَجْدُ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ وَالْحَيَوَانَ لَا يَكُونُ أَبَدًا نَفْسَ الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ، بَلْ بَدَلٌ عَنْهَا، وَإِذَا رَجَعَ الْمَغْصُوبُ؛ رَدَّ الْقِيمَةَ لَا بَدَلَهَا وَلَا ثَمَرَاتِهِ؛ كَمَنْ بَاعَ سِلْعَتَهُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ أَخَذَ عَنْهَا ذَهَبًا أَوْ سِلْعَةً، ثُمَّ رَدَّ الْمَعِيبَ بِالْبَيْعِ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِدَرَاهِمَ لَا بَدَلَهَا انْتَهَى.
قَالَ فِي " شَرْحِ الْمُنْتَهَى ": وَهُوَ كَمَا قَالَ الْبُهُوتِيُّ فِي شَرْحَيْهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الثَّمَنَ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ دَرَاهِمَ، فَإِذَا عَوَّضَهُ عَنْهَا شَيْئًا؛ فَهُوَ عَقْدٌ آخَرُ، وَأَمَّا هُنَا فَالْقِيمَةُ لَمْ تَثْبُتْ فِي الذِّمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ صَاحِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute