مَالِكُهُ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي إتْلَافِهِ، فَإِنَّ الْمُتْلِفَ حِينَئِذٍ يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ مَالِكِهِ فِي الْإِتْلَافِ، وَبِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ يَضْمَنُهُ، عَمَّا يُتْلِفُهُ أَهْلُ الْعَدْلِ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ وَعَكْسُهُ حَالَ الْحَرْبِ، وَعَمَّا يُتْلِفُ الْمُسْلِمُ مِنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ وَالْحَرْبِيُّ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ، وَعَمَّا يُتْلِفُهُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ مِنْ مَالٍ دَفَعَهُ إلَيْهِمَا مَالِكُهُ، وَعَمَّا يُتْلِفُهُ الْآدَمِيُّ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ وَمَا يُتْلِفُهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ صَالَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ أَوْ بَهِيمَةٌ لِمَعْصُومٍ.
(وَإِنْ أُكْرِهَ) إنْسَانٌ عَلَى إتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ الْمَضْمُونِ؛ (فَمُكْرِهُهُ) يَضْمَنُهُ.
(وَلَوْ) أُكْرِهَ (عَلَى إتْلَافِ مَالِ نَفْسِهِ) - أَيْ: مَالِ الْمُتْلِفِ - ضَمِنَهُ الْمُكْرِهُ أَيْضًا؛ كَإِكْرَاهِهِ عَلَى دَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَى غَيْرِ رَبِّهَا؛ لِأَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ الْمُكْرِهِ، وَأَمَّا الْمُكْرَهُ فَهُوَ كَالْآلَةِ وَلِإِبَاحَةِ إتْلَافِهِ وَوُجُوبِهِ، بِخِلَافِ قَتْلٍ وَلَمْ يَخْتَرْهُ؛ فَيَضْمَنُهُ؛ لِمُبَاشَرَتِهِ مَا فِيهِ إبْقَاءُ نَفْسِهِ، وَبِخِلَافِ مُضْطَرٍّ فَإِنَّهُ يَأْكُلُ مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُضْطَرَّ لَمْ يُلْجِئْهُ إلَى الْإِتْلَافِ مَنْ يُحَالُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ إنْ كَانَ (غَيْرَ مَالٍ؛ كَكَلْبٍ) ؛ وَلَوْ لِمَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ، أَوْ أَتْلَفَ مَالَ نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ، أَوْ أَتْلَفَ مَالًا (بِإِذْنِ رَبِّهِ الرَّشِيدِ) ، فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فِي الْإِتْلَافِ، (أَوْ أَتْلَفَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ؛ كَصَائِلٍ) عَلَيْهِ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ - وَلَوْ آدَمِيًّا، وَيَأْتِي، وَكَذَا لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَ (قِنٌّ مُرْتَدٌّ) قَبْلَ تَوْبَتِهِ حَيْثُ قُبِلَتْ، (أَوْ حَالَ قَطْعِهِ الطَّرِيقَ) ، سَوَاءٌ كَانَ بِالْعُمْرَانِ أَوْ بِالْبَرِّيَّةِ، وَمِثْلُهُ مُتْلِفُ (مَالٍ حَرْبِيٍّ وَآلَةِ لَهْوٍ) ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ مُحْتَرَمَيْنِ.
(وَلَا يَضْمَنُهُ مِثْلُهُ؛ كَمُتْلِفٍ حَالَ قِتَالِ بُغَاةٍ) ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا، (أَوْ دَفَعَ) مَالِهِ (لِغَيْرِ رَشِيدٍ) ؛ فَلَا يَضْمَنُ الْمُتْلِفُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ إجْمَالًا مِمَّا تَقَدَّمَ فَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى صُوَرٍ مِنْ غَيْرِ الْمُحْتَرَمِ، (أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يَضْمَنُ مَا (أَتْلَفَهُ أَبٌ) مِنْ مَالِ ابْنِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ أَبِيهِ حَالَ حَيَاتِهِ، فَأَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ كَمَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ.
(وَمَنْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ) مَمْلُوكٍ مُحْتَرَمٍ، فَفَاتَ، أَوْ أَتْلَفَ شَيْئًا؛ ضَمِنَهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute