حَلَّ سِلْسِلَةَ فَهْدٍ، أَوْ حَلَّ سَاجُورَ كَلْبِهِ، فَعَقَرَ؛ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَالِّ؛ لِتَسَبُّبِهِ. وَالسَّاجُورُ خَشَبَةٌ تُجْعَلُ فِي عُنُقِ الْكَلْبِ.
وَلَوْ فَتْحَ إنْسَانٌ بَثْقًا - بِتَقْدِيمِ الْمُوَحَّدَةِ - وَهُوَ الْجِسْرُ الَّذِي يَحْبِسُ الْمَاءَ، فَأَفْسَدَ بِمَائِهِ زَرْعًا أَوْ بُنْيَانًا أَوْ غِرَاسًا؛ ضَمِنَ فَاتِحُ الْبَثْقِ مَا تَلِفَ بِسَبَبِهِ. قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْت: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ فَاتَ رَبَّهُ رَيُّ شَيْءٍ مِنْ الْأَرَاضِي فَيَضْمَنُ.
(وَيَضْمَنُ مُغْرٍ مَا أَخَذَهُ ظَالِمٌ بِإِغْرَائِهِ وَدَلَالَتِهِ) ؛ لِتَسَبُّبِهِ فِيهِ، أَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّيْزَانِيِّ الْبَغْدَادِيُّ، وَلَعَلَّهُ جَوَابُ سُؤَالٍ؛ فَلَا يُحْتَجُّ بِمَفْهُومِهِ، وَأَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْإِغْرَاءِ وَالدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي ظُلْمِهِ؛ فَهُوَ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ.
وَيَضْمَنُ (كَاذِبٌ) مَا غَرِمَ مَكْذُوبٌ عَلَيْهِ عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ (بِسَبَبِ كَذِبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي ظُلْمِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخِذِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ. وَمِثْلُهُ مَنْ شَكَا إنْسَانًا ظُلْمًا، فَأَغْرَمَهُ شَيْئًا لِحَاكِمٍ سِيَاسِيٍّ، كَمَا أَفْتَى بِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ الشِّهَابُ ابْنُ النَّجَّارِ.
قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": وَلَمْ يَزَلْ مَشَايِخُنَا يُفْتُونَ بِهِ، بَلْ أَغْرَمَهُ شَيْئًا لِقَاضٍ ظُلْمًا؛ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ؛ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ فِيمَا غَرِمَهُ رَبُّ الدَّيْنِ بِمَطْلِ الْمَدِينِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِهِ.
(وَمَنْ رَبَطَ) دَابَّةً فِي طَرِيقٍ - وَلَوْ وَاسِعًا - (أَوْ أَوْقَفَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ - وَلَوْ وَاسِعًا) - وَيَدُهُ عَلَيْهَا؛ بِأَنْ كَانَ رَاكِبًا أَوْ نَحْوَهُ، فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا؛ ضَمِنَهُ مَنْ رَبَطَهَا، أَوْ أَوْقَفَهَا، أَوْ جَنَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ فَمٍ؛ ضَمِنَ رَابِطُهَا وَمُوقِفُهَا؛ لِحَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا: «مَنْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي سُوقٍ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ، فَأَوْطَأَتْ بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَهُوَ ضَامِنٌ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَلِأَنَّ طَبْعَ الدَّابَّةِ الْجِنَايَةُ بِفَمِهَا أَوْ رِجْلِهَا، فَإِيقَافُهَا فِي الطَّرِيقِ كَوَضْعِ الْحَجَرِ وَنَصْبِ السِّكِّينِ فِيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ جِنَايَةَ ذَنْبِهَا، (أَوْ) رَبَطَ دَابَّةً (بِ) طَرِيقٍ (ضَيِّقٍ، وَرَفَسَتْ ضَارِبَهَا) ، فَمَاتَ أَوْ تَلِفَ شَيْءٌ بِرَفْسِهَا؛ ضَمِنَهُ مُوقِفُهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ "، وَظَاهِرُهُ لَوْ كَانَتْ وَاسِعَةً لَا ضَمَانَ؛ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ إلَى ضَرْبِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute