(وَيَضْمَنُ سُلْطَانٌ آمِرٌ) بِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ بِنَاءٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (وَحْدَهُ) - أَيْ: دُونَ حَافِرٍ وَبَانٍ - وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُ غَيْرِ السُّلْطَانِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا تَسَعُهُ مُخَالَفَتُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ.
(وَمَنْ بَسَطَ بِمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) كَمَدْرَسَةٍ وَزَاوِيَةٍ (حَصِيرًا أَوْ بَارِيَةً) ، وَهِيَ الْحَصِيرُ الْمَنْسُوجُ، قَالَ فِي " الْقَامُوسِ ": وَيُطْلَقُ بِالشَّامِ عَلَى مَا يُنْسَجُ مِنْ قَصَبٍ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ بِقَرِينَةِ الْعَطْفِ (أَوْ) بَسَطَ فِي مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ، (بِسَاطًا أَوْ عَلَّقَ) فِيهِ، (أَوْ أَوْقَدَ فِيهِ قِنْدِيلًا، أَوْ نَصَبَ فِيهِ بَابًا أَوْ) نَصَبَ فِيهِ (عُمُدًا) لِمَصْلَحَةٍ، كَنَشْرِ نَحْوِ ثَوْبٍ عَلَيْهَا أَوْ نَصَبَ فِيهِ (رَفًّا لِنَفْعِ النَّاسِ) ؛ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ بِهِ.
هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ
(وَيَتَّجِهُ مِنْهُ) - أَيْ مَا ذُكِرَ - (جَوَازُ وَضْعِ خَزَائِنَ) فِي الْمَسْجِدِ (كَذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الرُّفُوفِ، غَيْرَ أَنَّ لَهَا أَغْلَاقًا لِحِفْظِ أَمْتِعَةِ مُلَازِمِي الْمَسْجِدَ، وَلَا يَجُوزُ وَضْعُ الْخَزَائِنِ (بِبُقَعِ الْمُصَلِّينَ) ؛ لِأَنَّهَا تَشْغَلُهَا فِيمَا لَمْ تُبْنَ لَهُ، وَلَوْ وَضَعَ فِي الْمَسْجِدِ خِزَانَةً، وَجَعَلَهَا (لِنَفْسِهِ) فَقَطْ (يَحْرُمُ) عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
(وَلَا يَصِحُّ إيجَارُهَا) - أَيْ: الْخَزَائِنِ مُطْلَقًا - سَوَاءٌ وَضَعَهَا لِنَفْعِ مُلَازِمِي الْمَسْجِدَ أَوْ لِنَفْسِهِ، (وَيَجِبُ زَوَالُهَا) - أَيْ: إزَالَتُهَا - لِأَنَّهَا مِنْ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(أَوْ سَقْفُهُ) - أَيْ: الْمَسْجِدِ (أَوْ بَنَى جِدَارَهُ أَوْ) بَنَى (مِنْبَرَهُ) ، وَتَلِفَ بِذَلِكَ شَيْءٌ؛ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ كَوَضْعِهِ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ مُبَلَّطٍ حَصًى، وَسَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ أَوْ لَا.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ لَهُ بِنَاءُ مِنْبَرٍ عَلَى الْعَادَةِ، فَإِنْ بَنَاهُ، (وَلَمْ يُفْحِشْ فِي كِبَرِهِ) جَازَ، (وَإِلَّا) بِأَنْ بَنَاهُ زَائِدًا عَلَى الْقَدْرِ الْمُعْتَادِ (حَرُمَ عَلَيْهِ) هَذَا الْبِنَاءُ، (وَضَمِنَ) مَا تَلِفَ بِهِ؛ (لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ لِبُقْعَةِ الْمَسْجِدِ) كَحَفْرِهِ بِئْرًا فِيهِ؛ إذْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute