(وَإِبِلٌ) مُقْطَرَةٌ كَبَهِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، (وَبِغَالٌ مُقْطَرَةٌ، كَوَاحِدَةٍ، عَلَى قَائِدِهَا الضَّمَانُ) لِمَا جَنَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْقِطَارِ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ إنَّمَا تَسِيرُ بِسَيْرِ الْأَوَّلِ، وَتَقِفُ بِوَقْفِهِ، وَتَطَأُ بِوَطْئِهِ، وَبِذَلِكَ يُمْكِنُهُ حِفْظُ الْجَمِيعِ عَنْ الْجِنَايَةِ، (وَيُشَارِكُهُ) - أَيْ: الْقَائِدَ - (سَائِقٌ فِي أَوَّلِهَا) - أَيْ: الْمُقْطَرَةِ (فِي) جِنَايَةِ (جَمِيعِهَا، وَ) يُشَارِكُ سَائِقٌ (فِي آخِرِهَا فِي) جِنَايَةِ (الْأَخِيرِ فَقَطْ، وَ) يُشَارِكُ سَائِقٌ (فِيمَا بَيْنَهُمَا) - أَيْ: الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ - (فِيمَا بَاشَرَ سَوْقَهُ وَفِيمَا بَعْدَهُ) ، دُونَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَائِقٍ لَهُ وَلَا بِتَابِعٍ لِمَا يَسُوقُهُ، فَانْفَرَدَ بِهِ الْقَائِدُ (وَإِنْ انْفَرَدَ رَاكِبٌ عَلَى أَوَّلِ قِطَارٍ ضَمِنَ) الرَّاكِبُ (جِنَايَةَ الْجَمِيعِ) . قَالَهُ الْحَارِثِيُّ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الرَّاكِبِ إنَّمَا يَسِيرُ بِسَيْرِهِ، وَيَطَأُ بِوَطْئِهِ، فَأَمْكَنَ حِفْظُهُ عَنْ الْجِنَايَةِ، فَضَمِنَ كَالْمَقْطُورِ عَلَى مَا تَحْتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّاكِبُ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ مَالِكًا أَوْ أَجِيرًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ مُوصًى لَهُ بِنَفْعِهَا.
قَالَ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ ": فَعَلَى هَذَا إنْ كَانَ مَعَهُ سَائِقٌ؛ فَعَلَى مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ إذَا كَانَ سَائِقٌ وَقَائِدٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِالْقِطَارِ رَاكِبًا أَوْ سَائِقًا عَلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ؛ ضَمِنَ جِنَايَةَ مَا هُوَ رَاكِبٌ عَلَيْهِ أَوْ سَائِقٌ لَهُ وَمَا بَعْدَهُ، دُونَ مَا قَبْلَهُ.
(وَلَوْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ مِمَّنْ) هِيَ (بِيَدِهِ، فَأَفْسَدَتْ) شَيْئًا؛ (فَلَا ضَمَانَ) عَلَى أَحَدٍ؛ لِحَدِيثِ: «الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ» وَتَقَدَّمَ (فَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا إنْسَانٌ، فَرَدَّهَا؛ ضَمِنَ) .
هَذَا قِيَاسُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ رَادَّ الدَّابَّةِ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ إنْ رَدَّهَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، لَا إنْ رَدَّهَا (بِأَمْرِ رَبِّهَا) ، فَإِنْ رَدَّهَا بِأَمْرِ رَبِّهَا (لِيُمْسِكَهَا) ؛ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَيَضْمَنُ رَبُّهَا) - أَيْ: الدَّابَّةِ - (وَمُسْتَعِيرٌ وَمُؤَجِّرٌ وَمُودَعٌ) وَمُرْتَهِنٌ وَأَجِيرٌ لِحِفْظِهَا وَمُوصٍ لَهُ بِنَفْعِهَا (مَا أَفْسَدَتْ مِنْ نَحْوِ شَجَرٍ وَزَرْعٍ) وَغَيْرِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute