أَيْ: الشَّفِيعُ - فِي الْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ (أَوْ دُونَهُ) - أَيْ: الشَّرِيكُ - بِأَنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُسْلِمًا وَالْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ الشِّقْصَ كَافِرًا، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الْمَوْرُوثِ وَالْمُوصَى بِهِ وَالْمَوْهُوبِ بِلَا عِوَضٍ وَلَا الْمَجْعُولِ مَهْرًا أَوْ عِوَضًا فِي خُلْعٍ وَنَحْوِهِ أَوْ صُلْحًا عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَنَحْوِهِ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَأَوْرَدَ عَلَى قَيْدِ الشَّرِكَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ لَمَا حَسُنَ أَنْ يُقَالَ هَلْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ أَوْ لَا. انْتَهَى
وَيُرَدُّ بِأَنَّ السُّؤَالَ لَا يَكُونُ مِمَّنْ عَرَفَ هَذَا الْحَدَّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْجَاهِلِ بِهِ، فَيُجَابُ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ لَا الْجَارِ.
(وَلَا تَسْقُطُ) الشُّفْعَةُ (بِاحْتِيَالٍ) عَلَى إسْقَاطِهَا، (وَيَحْرُمُ) الِاحْتِيَالُ عَلَى إسْقَاطِهَا.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَلَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الْحِيَلِ فِي إبْطَالِهَا وَلَا إبْطَالِ حَقٍّ مُسَلَّمٍ لَهُ.
وَاسْتَدَلَّ الْأَصْحَابُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ» .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ، إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ الْمُخَادِعِينَ بِقَوْلِهِ: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: ٩] ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَنْ يَخْدَعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ.
وَمَعْنَى الْحِيلَةِ أَنْ يُظْهِرُوا فِي الْبَيْعِ شَيْئًا لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ مَعَهُ، وَيَتَوَاطَئُوا فِي الْبَاطِنِ عَلَى خِلَافِهِ؛ كَإِظْهَارِ (هِبَةِ شِقْصٍ) مَشْفُوعٍ (لِمُشْتَرٍ، وَ) إظْهَارِ هِبَةِ (ثَمَنٍ) مِنْ مُشْتَرٍ (لِبَائِعٍ) بَعْدَ أَنْ تَوَاطَأَ عَلَى ذَلِكَ، (أَوْ إظْهَارِ ثَمَنٍ كَثِيرٍ وَهُوَ قَلِيلٌ) مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ يَقْتَضِيهِ عَنْهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ يَشْرِيهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَيَقْتَضِيهِ عَنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ يَشْتَرِي الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ يَبِيعُهُ الشِّقْصَ بِالْأَلْفِ، أَوْ يَشْتَرِي شِقْصًا بِأَلْفٍ يَدْفَعُ مِنْهَا مِائَةً، (وَيُبْرِئُهُ) الْبَائِعُ (مِنْ الْبَاقِي) وَهِيَ تِسْعُمِائَةٍ، أَوْ يَشْتَرِي جُزْءًا مِنْ الشِّقْصِ بِمِائَةٍ، ثُمَّ يَهَبُ لَهُ الْبَائِعُ بَاقِيَهُ، (أَوْ) يُعْقَدُ الْبَيْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute