بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَكَانَتْ مُحَابَاةً، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا.
قَالَ فِي " الْفَائِقِ ": وَمِنْ صُوَرِ التَّحَيُّلِ أَنْ يَقِفَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يَهَبَهُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِهَا؛ فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَيُغَلِّطُ مَنْ يَحْكُمُ بِهَا مِمَّنْ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ أَحْمَدَ، وَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِدُونِ حُكْمٍ انْتَهَى.
قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ: هَذَا الْأَظْهَرُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ عِلْمُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ حِيلَةٍ فِي ذَلِكَ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ؛ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَعْلَمُ قَدْرَ الثَّمَنِ - وَلَا بَيِّنَةَ بِهِ - فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ الثَّمَنِ
(وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُشْتَرٍ بِيَمِينِهِ فِي نَفْيِ حِيلَةٍ) عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ، فَإِنْ نَكَلَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ.
(وَتَسْقُطُ) الشُّفْعَةُ حَيْثُ جَهِلَ قَدْرَ الثَّمَنِ بِلَا حِيلَةٍ؛ كَمَا لَوْ عَلِمَ قَدْرَهُ عِنْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ نَسِيَ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تُسْتَحَقُّ بِغَيْرِ بَدَلٍ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا يَدَّعِيهِ، وَدَعْوَاهُ لَا تُمْكِنُ مَعَ جَهْلِهِ.
وَإِنْ خَالَفَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَا تَوَاطَآ عَلَيْهِ، وَأَظْهَرَا خِلَافَهُ؛ كَمَا تَوَاطَآ عَلَى أَنْ الثَّمَنَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَأَظْهَرَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَطَالَبَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بِمَا أَظْهَرَاهُ - وَهُوَ الْأَلْفُ فِي الْمِثَالِ - فَإِنَّهُ (يَلْزَمُ) الْمُشْتَرِيَ دَفْعُ (مَا أَظْهَرَ) الْمُتَبَايِعَانِ - وَهُوَ الْأَلْفُ (حُكْمًا) - لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّوَاطُؤِ، قَالَ فِي " شَرْحِ الْإِقْنَاعِ " قُلْت: إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالتَّوَاطُؤِ، وَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَاطَأْ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ.
(وَيَحْرُمُ بَاطِنًا عَلَى غَارٍّ الْأَخْذُ) مِنْ الْمُشْتَرِي (بِغَيْرِ مَا تَوَاطَآ عَلَيْهِ) ؛ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ زِيَادَةً؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ.
تَتِمَّةٌ: قَدْ مَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ اعْتَدَوْا فِي السَّبْتِ قِرَدَةً بِحِيَلِهِمْ، فَإِنَّهُمْ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْصِبُونَ شِبَاكَهُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْفِرُ جِبَابًا، وَيُرْسِلُ إلَيْهَا الْمَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِذَا جَاءَتْ الْحِيتَانُ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَعَتْ فِي الشِّبَاكِ وَالْجِبَابِ، فَيَدَعُونَهَا إلَى لَيْلَةِ الْأَحَدِ، فَيَأْخُذُونَهَا، وَيَقُولُونَ: مَا اصْطَدْنَا يَوْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute