للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ (بِبَيْعِ) الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ قَبْلَ الطَّلَبِ، (فَيَأْخُذُهُ) - أَيْ: الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ - (شَفِيعٌ بِثَمَنِ أَيِّ الْبَيْعَيْنِ شَاءَ) ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ الشِّرَاءُ - وَقَدْ وُجِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا - وَلِأَنَّهُ شَفِيعٌ فِي الْعَقْدَيْنِ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي مِنْ الشِّقْصِ قَبْلَ الطَّلَبِ؛ وَكَوْنُ الشَّفِيعِ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ مَعِيبًا؛ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْآخَرِ، وَكَالِابْنِ يَتَصَرَّفُ فِي الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ لَهُ وَإِنْ جَازَ لِأَبِيهِ الرُّجُوعُ فِيهَا.

(وَيَرْجِعُ مَنْ) - أَيْ: الَّذِي (أَخَذَ مِنْهُ الشِّقْصَ بِبَيْعٍ قَبْلَ بَيْعِهِ) ، وَهُوَ مَنْ كَانَ الشِّقْصُ بِيَدِهِ حَالَ الْأَخْذِ (عَلَى بَائِعِهِ بِمَا أَعْطَاهُ) مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَهُ الْعِوَضُ؛ (كَأَنْ يَشْتَرِيَهُ) أَيْ: الشِّقْصَ - الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ (بِخَمْسَةِ) دَنَانِيرَ، مَثَلًا، (وَيَبِيعَهُ) مِنْ آخَرَ (بِعَشَرَةِ) دَنَانِيرَ، (وَيَأْخُذُهُ) - أَيْ: الشِّقْصَ - (شَفِيعٌ) مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ (بِخَمْسَةِ) دَنَانِيرَ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الثَّانِي. وَإِنْ كَانَ مُشْتَرٍ ثَالِثٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دَنَانِيرَ مَثَلًا، وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ حَتَّى تَبَايَعَ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ؛ رَجَعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْمُشْتَرِي الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي، وَهَلُمَّ جَرَّا، وَيَنْفَسِخُ مَا بَعْدَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ. وَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ الْأَخِيرِ؛ فَلَا رُجُوعَ، وَاسْتَقَرَّتْ الْعُقُودُ وَإِنْ أَخَذَ بِالْمُتَوَسِّطِ اسْتَقَرَّ مَا قَبْلَهُ، وَانْفَسَخَ مَا بَعْدَهُ.

(وَلَا تَسْقُطُ) الشُّفْعَةُ بِرُجُوعِ الشِّقْصِ إلَى الشَّرِيكِ بِسَبَبِ (فَسْخِ) الْبَيْعِ (لِتَحَالُفٍ) عَلَى قَدْرِ الثَّمَنِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِهِمَا فِيهِ؛ لِسَبْقِ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ الْفَسْخَ، (وَيُؤْخَذُ) الشِّقْصُ (بِهِ) - أَيْ: بِثَمَنٍ - (حَلَفَ عَلَيْهِ بَائِعٌ) ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُقِرٌّ بِالْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ وَمُقِرٌّ لِلشَّفِيعِ بِاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ، فَإِذَا بَطَلَ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِإِنْكَارِهِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّ الشَّفِيعِ بِذَلِكَ، فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ فَسْخَهُمَا وَيَأْخُذَ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ أَسْبَقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>