(شَرِيكِ مُوَرِّثِهِ) عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ حَالَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ تَمَلَّكَاهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ الدَّاخِلِ عَلَى شُرَكَائِهِ بِسَبَبِ شَرِكَتِهِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ.
وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ نِصْفَ دَارٍ، ثُمَّ اشْتَرَى اثْنَانِ نِصْفَهَا الْآخَرَ، أَوْ وِرْثَاهُ، أَوْ اتَّهَبَاهُ، أَوْ وَصَلَ إلَيْهِمَا بِسَبَبٍ مَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ. أَوْ وَرِثَ ثَلَاثَةٌ دَارًا، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ اثْنَيْنِ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ نَصِيبَهُ؛ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ رَجُلٌ، وَخَلَفَ ابْنَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ، فَبَاعَتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ نَصِيبَهَا أَوْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ؛ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ.
(وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ حَالَ بَيْعٍ) عَلَى مُسْلِمٍ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا شُفْعَةَ لِنَصْرَانِيٍّ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلِأَنَّهُ مَعْنًى يَخُصُّ الْعَقَارَ فَأَشْبَهَ الِاسْتِعْلَاءَ فِي الْبُنْيَانِ، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ مِلْكِهِ، فَقُدِّمَ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَلْزَمُ تَقْدِيمُ دَفْعِ ضَرَرِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ تَقْدِيمَ دَفْعِ الضَّرَرِ لِذِمِّيٍّ، فَإِنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ أَرْجَحُ، وَرِعَايَتُهُ أَوْلَى، وَلِأَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِمَاعِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ؛ رِعَايَةً لِحَقِّ الشَّرِيكِ الْمُسْلِمِ، وَلَيْسَ الذِّمِّيُّ فِي مَعْنَى الْمُسْلِمِ، فَيَبْقَى فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ، وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ؛ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَلِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَثْبُتْ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ مَعَ عِظَمِ حُرْمَتِهِ فَلَأَنْ تَثْبُتَ عَلَى الذِّمِّيِّ مَعَ دَنَاءَتِهِ أَوْلَى.
(وَ) لَا شُفْعَةَ لِمُبْتَدِعٍ (مُكَفَّرٍ بِبِدْعَةٍ عَلَى مُسْلِمٍ) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ. وَأَهْلُ الْبِدَعِ الْغُلَاةُ كَالْمُعْتَقِدِ أَنَّ جِبْرِيلَ غَلِطَ فِي الرِّسَالَةِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا أُرْسِلَ إلَى عَلِيٍّ وَنَحْوِهِ، وَكَمَنْ يَعْتَقِدُ أُلُوهِيَّةَ [عَلِيٍّ] ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَثْبُتْ لِلذِّمِّيِّ الَّذِي يُقِرُّ عَلَى كُفْرِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَكَذَا حُكْمُ مِنْ حُكِمَ بِكُفْرِهِ مِنْ الدُّعَاةِ إلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ، وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ قَوْلُهُمْ وَيُكَفَّرُ مُجْتَهِدُهُمْ الدَّاعِيَةُ. وَتَثْبُتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute