وَإِنْ قَدَرَ الْوَدِيعُ عَلَى صَاحِبِ الْبَهِيمَةِ أَوْ وَكِيلِهِ طَالَبَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، أَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ أَوْ طَالَبَهُ بِالْإِذْنِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لِيَرْجِعَ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْحَيَوَانِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَالِكِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ صَاحِبِهَا وَعَنْ وَكِيلِهِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى أَحَدِهِمَا لِيُطَالِبَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أَوْ اسْتِرْدَادِهَا أَوْ أَنْ يَأْذَنَهُ فِي النَّفَقَةِ؛ أَنْفَقَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَيْهَا (وَلَوْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ حَاكِمًا أَمْكَنَ) اسْتِئْذَانُهُ بَلْ نَوَى الرُّجُوعَ فَقَطْ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُنْتَخَبِ " وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ " وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ وَصَاحِبُ " الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى " " وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ " " وَالْفَائِقِ ".
قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ الصَّوَابُ (خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ؛ أَيْ: أَنْفَقَ مَعَ إمْكَانِ إذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ بَلْ نَوَى الرُّجُوعَ؛ لَمْ يَرْجِعْ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ - أَيْ: الْوَدِيعِ - (فِي قَدْرِ مَا أَنْفَقَ) بِأَنْ قَالَ الْوَدِيعُ: أَنْفَقْت عَشَرَةً. قَالَ رَبُّهَا: بَلْ ثَمَانِيَةً؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَدِيعِ بِيَمِينِهِ إذَا ادَّعَى النَّفَقَةَ (بِمَعْرُوفٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَإِنْ ادَّعَى الْوَدِيعُ زِيَادَةً عَنْ النَّفَقَةِ بِمَعْرُوفٍ؛ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ لِمُنَافَاةِ الْعُرْفِ لَهَا.
تَتِمَّةٌ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مُدَّةِ الْإِنْقَاقِ بِأَنْ قَالَ رَبُّهَا: أَنْفَقْت مُنْذُ سَنَةٍ، فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: بَلْ مِنْ سَنَتَيْنِ؛ فَقَوْلُ صَاحِبِهَا بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِمَّا ادَّعَاهُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ.
(وَيَلْزَمُ) الْوَدِيعَ (عَلَفُ بَهِيمَةٍ وَلَوْ لَمْ يُؤْمَرْ) ؛ أَيْ: وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ رَبُّهَا (بِهِ) - أَيْ: الْعَلَفِ - لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ حُرْمَةً فِي نَفْسِهِ تُوجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ أَحْيَانًا (خِلَافًا لِلْمُنْتَهَى فِيمَا يُوهِمُ) مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْمُرْ مَالِكُ الْبَهِيمَةِ الْوَدِيعَ فِي عَلَفِهَا وَسَقْيِهَا؛ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَعِبَارَتُهُ: وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ لَزِمَهُ قَدْ تَقَدَّمَ كُلُّ قَوْلِهِ. وَإِنْ لَمْ يَعْلِفْ الْبَهِيمَةَ حَتَّى مَاتَتْ؛ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَبْقَى عَادَةً بِدُونِ الْعَلَفِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أُمِرَ الْوَدِيعُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُؤْمَرْ، وَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ.
فَائِدَةٌ: لَوْ خَافَ عَلَى الثَّوْبِ الْعُثَّ وَجَبَ عَلَيْهِ نَشْرُهُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَلِفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute