للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَرَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَرُدَّهَا إلَى أَهْلِهَا» ؛ (كَمَنْ) - أَيْ: كَوَدِيعٍ - (حَضَرَهُ الْمَوْتُ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ السَّفَرِ وَالْمَوْتِ سَبَبٌ لِخُرُوجِ الْوَدِيعَةِ عَنْ يَدِهِ، (أَوْ دَفَنَهَا) - أَيْ: الْوَدِيعَةَ - إنْ لَمْ يَضُرَّ بِهَا الدَّفْنُ، (وَأَعْلَمَ) بِهَا (سَاكِنًا) بِالدَّارِ الَّتِي دَفَنَهَا بِهَا إنْ كَانَ (ثِقَةً) ؛ لِحُصُولِ الْحِفْظِ بِهِ، وَإِعْلَامُ الثِّقَةِ كَإِيدَاعِهِ، (فَإِنْ) دَفَنَهَا، وَلَمْ (يُعْلِمْهُ) - أَيْ: السَّاكِنَ - (أَوْ كَانَ) مَنْ أَعْلَمَهُ (غَيْرَ سَاكِنٍ) فِي الدَّارِ، أَوْ كَانَ مَنْ أَعْلَمَهُ غَيْرَ ثِقَةٍ.

قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ دَفَنَهَا خَارِجَ الدَّارِ، وَلَوْ رَآهُ أَحْفَظُ لَهَا، فَضَاعَتْ؛ ضَمِنَهَا الْوَدِيعُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي الْحِفْظِ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ أَحَدًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ فِي سَفَرِهِ، أَوْ يَضِلُّ عَنْ مَوْضِعِهَا؛ فَلَا يَصِلُ لِمَوْضِعِهَا، وَإِذَا أَعْلَمَ غَيْرَ ثِقَةٍ رُبَّمَا أَخَذَهَا، وَمَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ لَا يَتَأَتَّى حِفْظُهُ مَا فِيهَا، وَلَمْ يُودِعْهُ إيَّاهَا، وَلَا يُمْكِنُهُ حِفْظُهَا.

(وَلَا يَضْمَنُ مُسَافِرٌ أُودِعَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ - وَدِيعَةً فِي سَفَرِهِ، (فَسَافَرَ بِهَا) الْوَدِيعُ؛ أَيْ: أَتَمَّ سَفَرَهُ، (فَتَلِفَتْ فِي السَّفَرِ) ؛ لِأَنَّ إيدَاعَ الْمَالِكِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَقْتَضِي الْإِذْنَ فِي السَّفَرِ بِهَا.

(وَمَنْ تَعَدَّى) فِي وَدِيعَةٍ كَانَتْ دَابَّةً، (فَرَكِبَهَا) لِغَيْرِ نَفْعِهَا؛ كَرُكُوبِهِ (لَا لِسَقْيِ) الدَّابَّةِ أَوْ عَلَفِهَا، وَلَهُ الِاسْتِعَانَةُ بِالْأَجَانِبِ فِي ذَلِكَ وَفِي الْحَمْلِ وَالنَّقْلِ، أَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ ثِيَابًا، (فَلَبِسَهَا وَنَحْوَهُ) ؛ كَافْتِرَاشِهِ فُرُشًا (لَا لِخَوْفِ عُثٍّ) - بِضَمِّ الْعَيْنِ - جَمْعُ عُثَّةٍ سُوسَةٌ تَلْحَسُ الصُّوفَ، وَكَاسْتِعْمَالِهِ آلَةَ صِنَاعَةٍ مِنْ خَشَبٍ لَا لِخَوْفٍ مِنْ الْأَرَضَةِ؛ بَطَلَتْ أَمَانَتُهُ.

(وَيَضْمَنُ) وَدِيعٌ ثِيَابَ نَقَصَهَا بِحُصُولِ عُثٍّ بِهَا (إنْ لَمْ يَنْشُرْهَا) ؛ لِأَنَّهُ مُفْرِطٌ، (وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْوَدِيعَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ أَوْ نَقَصَ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبِ عُثٍّ، (مَا لَمْ يَقُلْ) لَهُ مَالِكُهَا: (لَا تَنْشُرْهَا) - أَيْ: الثِّيَابَ أَوْ الْفُرُشَ - (وَإِنْ خِفْت عَلَيْهَا) ؛ لِتَضَمُّنِ نَهْيِهِ الْإِذْنَ فِي إتْلَافِهَا.

وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ آلَةَ صِنَاعَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>