يَمِينِهِ، وَضَمِنَ الدَّافِعُ إنْ لَمْ يَشْهَدْ؛ لِتَقْصِيرِهِ، صَدَّقَ الْمَالِكَ أَوْ كَذَّبَهُ، وَهَذَا الِاتِّجَاهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ. .
وَيُصَدَّقُ وَدِيعٌ بِيَمِينِهِ (فِي) دَعْوَى (تَلَفٍ) لِلْوَدِيعَةِ (بِسَبَبٍ خَفِيٍّ) كَالسَّرِقَةِ؛ لِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مِثْلِ هَذَا السَّبَبِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ قَبُولِ الْأَمَانَاتِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُسْتَوْدِعَ إذَا أَحْرَزَ الْوَدِيعَةَ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا ضَاعَتْ؛ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ.
(أَوْ) دَعْوَى تَلَفِ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ (ظَاهِرٍ) كَحَرِيقٍ وَغَرَقٍ وَنَهْبِ جَيْشٍ إنْ (ثَبَتَ وُجُودُهُ) بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ بِوُجُودِ ذَلِكَ السَّبَبِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ؛ قُبِلَتْ دَعْوَاهُ، ثُمَّ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ تَلِفَتْ بِذَلِكَ السَّبَبِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِالسَّبَبِ الظَّاهِرِ ضَمِنَ الْوَدِيعَةَ، لِأَنَّهُ لَا تَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيَكْفِي فِي ثُبُوتِ السَّبَبِ الظَّاهِرِ الِاسْتِفَاضَةُ. قَالَهُ فِي " التَّلْخِيصِ " وَ " الرِّعَايَتَيْنِ " وَ " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " وَغَيْرِهَا، فَعَلَى هَذَا إذَا عَلِمَهُ الْقَاضِي بِالِاسْتِفَاضَةِ قُبِلَ قَوْلُ الْوَدِيعِ بِيَمِينِهِ، وَلَمْ يُكَلَّفْ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِالسَّبَبِ، وَلَا يَكُونُ الْقَضَاءُ بِالْعِلْمِ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ فِي الْحُكْمِ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَوْ بِخُصُوصِ هَذِهِ، وَيُصَدَّقُ الْوَدِيعُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا (فِي عَدَمِ خِيَانَةٍ وَ) عَدَمِ (تَفْرِيطٍ وَفِي حِرْزِ مِثْلٍ) بِلَا نِزَاعٍ، لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فِيمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ.
(وَإِنْ ادَّعَى) الْوَدِيعُ: (رَدَّهَا) - أَيْ الْوَدِيعَةِ (لِحَاكِمٍ أَوْ وَرَثَةِ مَالِكٍ) لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتَمِنُوهُ، (أَوْ) ادَّعَى (رَدًّا بَعْدَ مَطْلِهِ) أَيْ: تَأْخِيرِ دَفْعِهَا إلَى مُسْتَحَقِّهِ (بِلَا عُذْرٍ) ثُمَّ ادَّعَى تَلَفًا؛ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَطْلِ بَطَلَ الِاسْتِئْمَانُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى رَدًّا بَعْدَ مَنْعِهِ مِنْهَا؛ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْغَاصِبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute