إلَيْك وَفَاءً عَنْ الدَّيْنِ الْوَدِيعَةُ تَلِفَتْ، فَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ هُوَ الْوَدِيعَةُ وَالدَّيْنُ بِحَالِهِ؛ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَدِيعِ.
(وَلِمُودِعٍ وَمُضَارِبٍ وَمُسْتَأْجَرٍ وَمُرْتَهِنٍ) قَالَ الْبُهُوتِيُّ: قُلْت: وَمِثْلُهُمْ الْعَدْلُ بِيَدِهِ الرَّهْنُ وَالْأَجِيرُ عَلَى حِفْظِ عَيْنٍ وَالْوَكِيلُ فِيهِ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُجَاعِلُ عَلَى عَمَلِهَا (إنَّ غُصِبَتْ الْعَيْنُ) - أَيْ: الْوَدِيعَةُ - أَوْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةِ (الْمُطَالَبَةِ بِهَا) مِنْ غَاصِبِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ حِفْظِهَا الْمَأْمُورِ بِهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ ذَكَرَ الْمُطَالَبَةَ بِالْعَيْنِ إذَا غُصِبَتْ، وَلَا يَلْزَمُهُ (مَعَ حُضُورِ مَالِكِهَا) . قَالَهُ الْمُوَفَّقُ، وَإِلَّا يَكُنْ مَالِكُ الْعَيْنِ حَاضِرًا (لَزِمَهُ) أَنْ يُطَالِبَ بِهَا (مَعَ خَوْفِ ضَيَاعٍ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا، وَذَلِكَ مِنْهُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
غَرِيبَةٌ: لَوْ أَوْدَعَ كِيسًا مَخْتُومًا مِنْ عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ، وَادَّعَى أَنَّهُ فُضَّ خَتْمُهُ، وَأَنَّهُ خَالٍ صُدِّقَ الْمُودِعُ فَلَوْ فَتَحَ فَوَجَدَ فِيهِ دَرَاهِمَ مِنْ ضَرْبِ خَمْسِ سِنِينَ فَكَذَلِكَ. قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ ".
(وَلَا يَضْمَنُ مُودَعٌ أُكْرِهَ) عَلَى دَفْعِ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ لَمْ يَنَلْهُ عَذَابٌ، بَلْ أُكْرِهَ (بِتَهْدِيدٍ عَلَى دَفْعِهَا لِغَيْرِ رَبِّهَا) قَالَهُ الْأَصْحَابُ. ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ، وَذَكَرَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَلَوْ أَسْلَمَ لِوَدِيعَةٍ كُرْهًا لَمْ يَضْمَنْ، وَقَالَ: وَإِنْ صَادَرَهُ سُلْطَانٌ لَمْ يَضْمَنْ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ " وَابْنُ عَقِيلٍ فِي " الْفُصُولِ " وَالْمُوَفَّقِ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " وَغَيْرُهُمْ.
(وَإِنْ طَلَبَ يَمِينَهُ) أَيْ: الْوَدِيعِ - أَنْ لَا وَدِيعَةَ لِفُلَانٍ عِنْدَهُ، (وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا) مِنْ الْحَلِفِ بِأَنْ يَكُونَ الطَّالِبُ يَمِينَهُ مُتَغَلِّبًا عَلَيْهِ بِسُلْطَتِهِ أَوْ تَلَصُّصٍ، وَلَا يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ إلَّا بِالْحَلِفِ؛ (حَلَفَ وَتَأَوَّلَ) ، فَيَنْوِي لَا وَدِيعَةَ عِنْدِي لِفُلَانٍ فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّذِي لَيْسَتْ بِهَا وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يَحْنَثْ لِتَأَوُّلِهِ، (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى أَخَذَهُ مِنْهُ ضَمِنَهَا خِلَافًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute