للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا بِمَنْزِلَةِ السَّابِقِ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ إقْطَاعٍ، لَكِنْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِنَقْلِ مَتَاعِهِ، بِخِلَافِ السَّابِقِ، وَشَرْطُهُ (مَا لَمْ يَعُدْ الْإِمَامُ فِي إقْطَاعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ لَهُ اجْتِهَادًا فِي الْإِقْطَاعِ لَهُ اجْتِهَادٌ فِي اسْتِرْجَاعِهِ. وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ رَحْبَةَ الْمَسْجِدِ لَوْ كَانَتْ مَحُوطَةً؛ لَمْ يَجُزْ إقْطَاعُ الْجُلُوسِ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَسْجِدِ.

(وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ) الْإِمَامُ الطَّرِيقَ الْوَاسِعَةَ وَرِحَابَ الْمَسْجِدِ غَيْرَ الْمَحُوطَةِ أَحَدًا؛ (فَالسَّابِقُ) إلَيْهَا (أَحَقُّ) بِالْجُلُوسِ فِيهَا، (مَا لَمْ يَنْقُلْ قُمَاشَهُ عَنْهُ) - أَيْ: الْمَحِلِّ الَّذِي جَلَسَ فِيهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ سَبَقَ إلَى مَا لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِ مُسْلِمٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» وَلِمَا رَوَى الزُّبَيْرُ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَأَنْ يَحْمِلَ أَحَدُكُمْ حَبْلًا فَيَحْتَطِبَ، ثُمَّ يَجِيءَ فَيَضَعَهُ فِي السُّوقِ فَيَبِيعُهُ، ثُمَّ يَسْتَغْنِي بِهِ فَيُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطُوهُ أَوْ مَنَعُوهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَمَحِلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ، وَلِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ عَلَى إقْرَارِ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ، وَلِأَنَّهُ ارْتِفَاقٌ بِمُبَاحٍ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ؛ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَالِاجْتِيَازِ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَامَ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ إزَالَتُهُ، وَأَنَّهُ إذَا نَقَلَ مَتَاعَهُ كَانَ لِغَيْرِهِ الْجُلُوسُ فِيهِ، وَلَمْ يَأْتِ اللَّيْلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ (فَإِنْ أَطَالَهُ) ؛ أَيْ: أَطَالَ الْجُلُوسَ مِنْ غَيْرِ إقْطَاعٍ (أُزِيلَ) ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُتَمَلِّكِ، وَيَخْتَصُّ بِنَفْعٍ يُسَاوِي غَيْرَهُ، وَ (لَهُ) - أَيْ: الْجَالِسِ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ وَرَحْبَةِ مَسْجِدٍ غَيْرِ مَحُوطَةٍ بِإِقْطَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ - (أَنْ يَسْتَظِلَّ بِغَيْرِ بِنَاءٍ بِمَا لَا يَضُرُّ كَبَارِيَّةٍ وَكِسَاءٍ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ دِكَّةً وَلَا غَيْرَهَا فِي الطَّرِيقِ - وَلَوْ وَاسِعًا - وَلَا فِي رَحْبَةِ الْمَسْجِدِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيق.

(وَلَيْسَ لَهُ) - أَيْ: لِمَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْجُلُوسِ - بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ أَوْ بِسَبْقِهِ (الْجُلُوسُ بِحَيْثُ يَمْنَعُ جَارَهُ رُؤْيَةَ الْمُعَامِلِينَ) لِمَتَاعِهِ، أَوْ يَمْنَعُ وُصُولَهُمْ إلَيْهِ، (أَوْ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ) - أَيْ: عَلَى جَارِهِ - (فِي كَيْلٍ وَوَزْنٍ وَأَخْذٍ وَعَطَاءٍ) ؛ لِحَدِيثِ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» . .

(وَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>