بِالْكَسْرِ - وَمَحْمِيَّةً مَنَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَأَحْمَى الْمَكَانَ جَعَلَهُ حِمَى لَا يَقْرَبُ. انْتَهَى.
وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَنْ انْتَجَعَ بَلَدًا أَوْ أَتَى بِكَلْبٍ عَلَى نَشَزٍ، ثُمَّ اسْتَعْوَاهُ، وَوَقَفَ لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ مَنْ يَسْمَعُ صَوْتَهُ بِالْعُوَاءِ فَحَيْثُ مَا انْتَهَى صَوْتُهُ حَمَاهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ لِنَفْسِهِ، وَرَعَى مَعَ الْعَامَّةِ فِيمَا سِوَاهُ، فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ وَمَنْعِهِمْ مِنْ الِانْتِفَاعِ [بِشَيْءٍ] لَهُمْ فِيهِ حَقٌّ، وَجَاءَ الشَّرْعُ بِأَنَّهُ لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَيَكُونُ حِمَى الْأَرْضِ الْمَوَاتِ (لِرَعْيِ دَوَابِّ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَقُومُ بِحِفْظِهَا مِنْ صَدَقَةٍ وَجِزْيَةٍ وَضَوَالِّ وَدَوَابِّ غَزَاهُ وَرَعْيِ مَاشِيَةٍ ضَعِيفًا) وَغَيْرِ ذَلِكَ، (مَا لَمْ يَضِقْ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَحْسِبُهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيُّ إلَى عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بِلَادُنَا قَاتَلْنَا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَسْلَمْنَا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ، عَلَامَ تَحْمِيهَا؟ فَأَطْرَقَ عُمَرُ وَجَعَلَ يَنْفُخُ وَيَفْتِلُ شَارِبَهُ، وَكَانَ إذَا رَكِبَهُ أَمْرٌ فَتَلَ شَارِبَهُ وَنَفَخَ، فَلَمَّا رَأَى الْأَعْرَابِيُّ مَا بِهِ جَعَلَ يُرَدِّدُ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: الْمَالُ مَالُ اللَّهِ وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ، وَاَللَّهِ وَاَللَّهِ لَوْلَا مَا أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْت مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا فِي شِبْرٍ. قَالَ مَالِكٌ: بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ فِي كُلِّ عَامٍ عَلَى أَرْبَعِينَ أَلْفًا مِنْ الظَّهْرِ
وَعَنْ أَسْلَمَ قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ يَقُولُ: لِهُنِيٍّ حِينَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى حِمَى الرَّبْذَةِ: يَا هَنِيُّ اُضْمُمْ جَنَاحَك عَنْ النَّاسِ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا مُجَابَةٌ، وَأَدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ وَالْغَنِيمَةِ، وَدَعْنِي مِنْ نَعَمِ ابْنِ عَوْفٍ وَنَعَمِ ابْنِ عَفَّانَ، فَإِنَّهُمَا إنْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُمَا رَجَعَا إلَى نَخْلٍ وَزَرْعٍ، وَإِنَّ هَذَا الْمِسْكِينَ إنْ هَلَكَتْ مَاشِيَتُهُ جَاءَ يَصْرُخُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَالْكَلَأُ أَهْوَنُ عَلَيَّ أَمْ غُرْمُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ. إنَّهَا أَرْضُهُمْ قَاتَلُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ، وَإِنَّهُمْ لَيَرَوْنَ أَنَّا نَظْلِمُهُمْ، وَلَوْلَا النَّعَمُ الَّتِي تَحْمِلُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْت عَلَى النَّاسِ مِنْ بِلَادِهِمْ شَيْئًا أَبَدًا. وَوَجْهُ هَذَا أَنَّ مَا كَانَ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ قَامَتْ الْأَئِمَّةُ فِيهِ مَقَامَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِحَدِيثِ «مَا أَطْعَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute