للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَحَظِّ فِي أَحَدِهَا.

(قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَوْلَى) لِلْمُلْتَقِطِ (حِفْظٌ) مَعَ الْإِنْفَاقِ، (فَبَيْعٌ) وَحِفْظُ ثَمَنٍ، (فَأَكْلٌ) وَغُرْمُ قِيمَةٍ انْتَهَى.

الضَّرْبُ (الثَّانِي) : مَا اُلْتُقِطَ مِمَّا (يُخْشَى فَسَادُهُ) بِتَبْقِيَتِهِ؛ كَالْبِطِّيخِ وَالْخَضْرَاوَاتِ وَالْفَاكِهَةِ؛ (فَيَلْزَمُهُ) - أَيْ: الْمُلْتَقِطَ - (فِعْلُ الْأَحَظِّ مِنْ بَيْعِهِ) بِقِيمَتِهِ، وَحِفْظِ ثَمَنِهِ، بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.

(أَوْ أَكْلِهِ بِقِيمَتِهِ) قِيَاسًا عَلَى الشَّاةِ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا حِفْظًا لِمَالِيَّتِهِ عَلَى مَالِكِهِ، وَيَحْفَظُ صِفَاتِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِيَدْفَعَ لِمَنْ وَصَفَهُ ثَمَنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ، (أَوْ تَجْفِيفِ مَا يُجَفَّفُ؛ كَعِنَبٍ) وَرُطَبٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، وَفِعْلُ الْأَحَظِّ فِي الْأَمَانَاتِ مُتَعَيَّنٌ.

وَإِنْ احْتَاجَ فِي تَجْفِيفِهِ إلَى مُؤْنَةٍ، (فَمُؤْنَتُهُ مِنْهُ، فَيُبَاعُ بَعْضُهُ لِذَلِكَ) ؛ أَيْ: لِتَجْفِيفِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ. فَإِنْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ؛ رَجَعَ بِهِ فِي الْأَصَحِّ.

قَالَهُ فِي " الْمُبْدِعِ " فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ؛ تَعَيَّنَ أَكْلُهُ (فَإِنْ اسْتَوَتْ) الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ: فِي نَظَرِ الْمُلْتَقِطِ؛ خُيِّرَ بَيْنَهَا، فَأَيُّهَا فَعَلَ جَازَ لَهُ، وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى تَلِفَ، ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي حِفْظِ مَا بِيَدِهِ أَمَانَةٌ، فَضَمِنَهُ كَالْوَدِيعَةِ.

(وَقَيَّدَهُ) ؛ أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْأَكْلِ، (جَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ، وَتَابَعَهُ فِي الْمُذَهَّبِ وَ " الْمُسْتَوْعِبِ " وَالتَّلْخِيصِ " بِمَا (بَعْدَ تَعْرِيفِهِ) ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: عَرَّفَهُ (بِقَدْرِ مَا لَا يُخَافُ مَعَهُ فَسَادُهُ) ، ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَكْلِهِ وَبَيْعِهِ.

الضَّرْبُ (الثَّالِثُ بَاقِي الْمَالِ) ؛ أَيْ: مَا عَدَا الضَّرْبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ الْمَالِ؛ كَالْأَثْمَانِ وَالْمَتَاعِ وَنَحْوِهِمَا.

(وَيَلْزَمُهُ) - أَيْ: الْمُلْتَقِطَ - (حِفْظُ الْجَمِيعِ) ، مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ بِالْتِقَاطِهِ، وَيَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ، سَوَاءٌ أَرَادَ الْمُلْتَقِطُ تَمَلُّكَهُ، أَوْ حِفْظَهُ لِصَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ، وَأُبَيُّ بْنَ كَعْبٍ، وَلَمْ يُفَرِّقْ؛ وَلِأَنَّ حِفْظَهَا لِصَاحِبِهَا إنَّمَا يُفِيدُ بِوُصُولِهَا إلَيْهِ.

وَطَرِيقَةُ التَّعْرِيفِ: بِالنِّدَاءِ عَلَيْهِ (بِنَفْسِهِ) - أَيْ: الْمُلْتَقِطِ - (أَوْ نَائِبِهِ) ؛ لِأَنَّ إمْسَاكَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ تَضْيِيعٌ لَهَا عَنْ صَاحِبِهَا، فَلَمْ يَجُزْ؛ كَرَدِّهَا إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>