للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَمْ يَمْلِكْهَا) - أَيْ: اللُّقَطَةَ بِهِ - أَيْ: التَّعْرِيفِ - (بَعْدُ) - أَيْ: بَعْدَ حَوْلِ التَّعْرِيفِ؛ - لِأَنَّ شَرْطَ الْمِلْكِ التَّعْرِيفُ فِيهِ، وَلَمْ يُوجَدْ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّعْرِيفَ بَعْدَ الْحَوْلِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا بَعْدَهُ يَسْلُو عَنْهَا، وَيَتْرُكُ طَلَبَهَا.

وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهَا، كَمَا يَأْثَمُ بِالْتِقَاطٍ بِنِيَّةِ تَمَلُّكٍ بِلَا تَعْرِيفٍ، أَوْ لَمْ يُرِدْ بِهِ تَعْرِيفَهَا وَلَا تَمَلُّكَهَا، فَلَا يَمْلِكُهَا وَلَوْ عَرَّفَهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ، فَأَشْبَهَ الْغَاصِبَ، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": نَصَّ عَلَى هَذَا [أَحْمَدُ] .

(وَلَيْسَ خَوْفُهُ) - أَيْ: الْمُلْتَقِطِ - (أَنْ يَأْخُذَهَا) - أَيْ: اللُّقَطَةَ (سُلْطَانٌ جَائِرٍ) عُذْرًا فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا (أَوْ خَوْفُهُ أَنْ يُطَالِبَهُ السُّلْطَانُ بِأَكْثَرَ مِمَّا وَجَدَ عُذْرًا لَهُ فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا) .

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": فَإِنْ أَخَّرَ التَّعْرِيفَ لِذَلِكَ الْخَوْفِ؛ لَمْ يَمْلِكْهَا إلَّا بَعْدَ التَّعْرِيفِ.

ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ عُذْرًا (حَتَّى يَمْلِكَهَا) بِلَا تَعْرِيفٍ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (بِدُونِهِ) قَالَ: وَلِهَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا بَعْدَهُ.

وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ خَوْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ، وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: تَبْقَى بِيَدِهِ، (فَإِذَا وَجَدَ أَمْنًا عَرَّفَهَا حَوْلًا وَمَلَكَهَا) ، انْتَهَى.

فَيُؤْخَذُ مِنْهَا أَنَّ تَأْخِيرَ التَّعْرِيفِ لِلْعُذْرِ لَا يُؤَثِّرُ، (وَكَذَا إذَا) تَرَكَ تَعْرِيفَهَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ، ثُمَّ (زَالَ عُذْرُ نَحْوِ مَرَضٍ وَحَبْسٍ وَنِسْيَانٍ، فَعَرَّفَهَا بَعْدُ) ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا بِتَعْرِيفِهَا حَوْلًا بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ التَّعْرِيفَ عَنْ وَقْتِ إمْكَانِهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَرَّفَهَا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلَ.

وَمَفْهُومُ كَلَامِ " التَّنْقِيحِ " أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى " (خِلَافًا لَهُ) - أَيْ: لِصَاحِبِ الْإِقْنَاعِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَمْلِكُهَا بِالتَّعْرِيفِ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَهُ فِيهِ عَجْزًا؛ كَمَرِيضٍ وَمَحْبُوسٍ، أَوْ نِسْيَانًا.

انْتَهَى

وَكَأَنَّهُ مَشَى عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي " الرِّعَايَتَيْنِ " وَ " الْحَاوِي الصَّغِيرِ " وَهُوَ مَرْجُوحٌ (وَمَنْ) وَجَدَ لُقَطَةً (وَعَرَّفَهَا حَوْلًا فَلَمْ تُعَرَّفْ) فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>