للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَائِدَةُ الْإِشْهَادِ حِفْظُهَا مِنْ نَفْسِهِ عَنْ أَنْ يَطْمَعَ فِيهَا، وَمِنْ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ، وَغُرَمَائِهِ إنْ أَفْلَسَ.

وَ (لَا) يُسَنُّ الْإِشْهَادُ (عَلَى صِفَتِهَا) ، لِئَلَّا يَنْتَشِرَ ذَلِكَ فَيَدَّعِيَهَا مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَيَذْكُرَ صِفَتَهَا، كَمَا قُلْنَا فِي التَّعْرِيفِ مِنْ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ.

قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَقَدْ سَأَلَهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا، هَلْ يُبَيِّنُ كَمْ هِيَ، قَالَ: لَا، وَلَكِنْ يَقُولُ: أَصَبْتُ لُقَطَةً.

قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ صِفَاتِهَا؛ لِيَكُونَ أَثْبَتَ لَهَا، مَخَافَةَ أَنْ يَنْسَاهَا إنْ اقْتَصَرَ عَلَى حِفْظِهَا فَغَلَبَهُ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ عُرْضَةُ النِّسْيَانِ انْتَهَى.

(وَمَتَى وَصَفَهَا) - أَيْ: اللُّقَطَةَ - (طَالِبُهَا) - أَيْ: مُدَّعِي ضَيَاعَهَا - بِصِفَاتِهَا، وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ، (لَزِمَ دَفْعُهَا لَهُ) ، إنْ كَانَتْ عِنْدَهُ، (بِنَمَائِهَا) الْمُتَّصِلِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ مَالِكَهَا، وَلَا يُمْكِنُ انْفِصَالُهَا عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُتْبَعُ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ (بِلَا يَمِينٍ) وَلَا بَيِّنَةٍ، ظَنَّ صِدْقَهُ أَوَّلًا؛ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إلَيْهِ وَقَوْلِهِ: فَإِنْ جَاءَكَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ» وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا غَالِبًا؛ لِسُقُوطِهَا حَالَ الْغَفْلَةِ وَالسَّهْوِ، فَلَوْ لَمْ يَجِبْ دَفْعُهَا بِالصِّفَةِ؛ لَمَا جَازَ الْتِقَاطُهَا، وَقَدْ جَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيِّنَةَ مُدَّعِي اللُّقَطَةَ وَصْفَهَا، فَإِذَا وَصَفَهَا فَقَدْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ. .

(وَ) دَفْعُ اللُّقَطَةِ لِمُدَّعِيهَا (بِلَا وَصْفٍ) وَلَا بَيِّنَةٍ، (يَحْرُمُ، وَلَوْ ظَنَّ صِدْقَهُ) ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَى مَنْ لَمْ يُثْبِتْ أَنَّهُ صَاحِبُهَا، كَالْوَدِيعَةِ، (وَيَضْمَنُ) .

قَالَ فِي الشَّرْحِ: فَإِنْ دَفَعَهَا، فَجَاءَ آخَرُ فَوَصَفَهَا، أَوْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً، لَزِمَ الدَّافِعَ غَرَامَتُهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَى مَالِكِهَا بِتَفْرِيطِهِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُدَّعِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ، وَلِصَاحِبِهَا تَضْمِينُ آخِذِهَا.

فَإِذَا ضَمَّنَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَدَّعِيهَا فَلِلْمُلْتَقِطِ مُطَالَبَةُ آخِذِهَا بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مَجِيءَ صَاحِبِهَا فَيُغَرِّمَهُ؛ وَلِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ، فَمَلَكَ الْأَخْذَ مِنْ غَاصِبِهَا انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>