للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيَّاهَا، مَعَ عَدَمِ الْمُنَازِعِ لَهُ حِينَ أَخَذَهَا، وَثَبَتَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي انْتِزَاعَهَا مِنْهُ؛ فَوَجَبَ بَقَاؤُهَا لَهُ؛ كَسَائِرِ مَالِهِ.

(وَلَوْ أَقَامَ أَحَدٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ) ، بَعْدَ أَنْ أَخَذَهَا الْأَوَّلُ بِالْوَصْفِ؛ (أَخَذَهَا) الثَّانِي (مِنْ وَاصِفٍ) ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ أَقْوَى مِنْ الْوَصْفِ، فَيُرَجَّحُ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ رَآهَا عِنْدَ مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، فَحَفِظَ أَوْصَافَهَا فَجَاءَ وَادَّعَاهَا وَهُوَ مُبْطِلٌ.

فَائِدَةٌ لَوْ ادَّعَى اللُّقَطَةَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَوَصَفَهَا أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ؛ حَلَفَ وَاصِفُهَا، وَأَخَذَهَا. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ؛ لِتَرَجُّحِهِ بِوَصْفِهَا.

(فَإِنْ تَلِفَتْ) اللُّقَطَةُ (عِنْدَهُ) أَيْ: الْوَاصِفِ (ضَمِنَهَا) ؛ لِأَنَّ يَدَهُ عَادِيَةٌ، كَالْغَاصِبِ، (لَا مُلْتَقِطٌ) دَفَعَهَا لِوَاصِفِهَا؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهَا بِأَمْرِ الشَّرْعِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ كَمَا لَوْ دَفَعَهَا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ إذَنْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَيَغْرَمُهَا الْوَاصِفُ لِمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ؛ لِعُدْوَانِ يَدِهِ.

وَإِنْ أَعْطَى مُلْتَقِطٌ وَاضِعَهَا بَدَلَهَا؛ لِتَلَفِهَا عِنْدَهُ؛ لَمْ يُطَالِبْهُ ذُو الْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الْوَاصِفِ بِمَا أَخَذَهُ؛ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ، إنْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ لِلْوَاصِفِ بِمِلْكِهَا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُدَّعِيًا أَنَّ مُقِيمَ الْبَيِّنَةِ ظَلَمَهُ بِتَضْمِينِهِ؛ فَلَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ عَلَى غَيْرِ مَنْ ظَلَمَهُ.

(وَلَوْ أَدْرَكَهَا) - أَيْ: اللُّقَطَةَ - (رَبُّهَا بَعْدَ الْحَوْلِ) وَالتَّعْرِيفِ (مَبِيعَةً، أَوْ) أَدْرَكَهَا (مَوْهُوبَةً) بِيَدِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ، أَوْ أَدْرَكَهَا مَوْقُوفَةً؛ (فَلَيْسَ لَهُ) - أَيْ: لِرَبِّهَا - (إلَّا الْبَدَلُ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُلْتَقِطِ وَقَعَ صَحِيحًا؛ لِكَوْنِهَا صَارَتْ فِي مِلْكِهِ.

(وَيُفْسَخُ) الْعَقْدُ إنْ أَدْرَكَهَا رَبُّهَا (زَمَنَ خِيَارٍ) ؛ بِأَنْ بِيعَتْ لِشَرْطِ الْخِيَارِ، سَوَاءٌ كَانَ لِبَائِعٍ، أَوْ لَهُ وَلِلْمُشْتَرِي، وَتُرَدُّ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ؛ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا الْبَدَلُ، مَا لَمْ يَخْتَرْ الْمُشْتَرِي الْفَسْخَ، وَلَا يَلْزَمُهُ؛ كَمَا لَوْ أَدْرَكَهَا (بَعْدَ عَوْدِهَا) إلَى الْمُلْتَقِطِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>