للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرْحِ الْمُنْتَهَى " عَنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي " الْإِنْصَافِ " وَيَأْتِي فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَنَّ لِوَلِيِّ الْمَجْنُونِ الْعَفْوَ، لِأَنَّهُ لَا أَمَدَ لَهُ يَنْتَهِي إلَيْهِ، بِخِلَافِ وَلِيِّ الْعَاقِلِ.

وَقُطِعَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ " " وَالْمُغْنِي " هُنَا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي " الْهِدَايَةِ " " وَالْمُذَهَّبِ " " وَالْمُسْتَوْعِبِ " " وَالْخُلَاصَةِ " وَغَيْرِهِمْ هُنَاكَ.

وَعَلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّقِيطَ لَوْ كَانَ مَجْنُونًا غَنِيًّا؛ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، بَلْ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَقَطَعَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ ".

(وَإِنْ ادَّعَى جَانٍ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى اللَّقِيطِ - جِنَايَةً تُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الْمَالَ - رِقَّهُ، أَوْ ادَّعَى (قَاذِفُهُ رِقَّهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ، فَكَذَّبَهُمَا) اللَّقِيطُ؛ فَالْقَوْلُ (قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، فَقُبِلَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلظَّاهِرِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَذَفَ إنْسَانًا، وَجَبَ عَلَيْهِ حَدُّ الْحُرِّ.

فَلِلَّقِيطِ طَلَبُ حَدِّ الْقَذْفِ، وَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي، وَإِنْ كَانَ حُرًّا. وَإِنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ مَالًا طَالَبَ، بِمَا يَجِبُ فِي الْحُرِّ.

وَإِنْ صَدَّقَ اللَّقِيطُ قَاذِفَهُ؛ أَوْ الْجَانِيَ عَلَيْهِ عَلَى كَوْنِهِ رَقِيقًا؛ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا مَا يَجِبُ فِي قَذْفِ الرَّقِيقِ أَوْ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ.

(وَإِنْ ادَّعَى أَجْنَبِيٌّ) - أَيْ: غَيْرُ وَاجِدِهِ - (رِقَّهُ) - أَيْ اللَّقِيطِ - (أَوْ) ادَّعَى إنْسَانٌ أَنَّ (مَجْهُولَ نَسَبِ غَيْرِهِ) - أَيْ: غَيْرِ اللَّقِيطِ - مَمْلُوكُهُ، (وَهُوَ بِيَدِهِ) - أَيْ: الْمُدَّعِي رِقَّهُ - (صُدِّقَ) الْمُدَّعِي؛ لِدَلَالَةِ الْيَدِ عَلَى الْمِلْكِ، (بِيَمِينِهِ) ؛ لِإِمْكَانِ عَدَمِ الْمِلْكِ حَيْثُ كَانَ دُونَ التَّمْيِيزِ أَوْ مَجْنُونًا، ثُمَّ إذَا بَلَغَ وَقَالَ: أَنَا حُرٌّ لَمْ يُقْبَلْ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّقِيطُ أَوْ مَجْهُولُ النَّسَبِ بِيَدِ الْمُدَّعِي؛ فَلَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تُخَالِفُ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ.

(وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ) - أَيْ: اللَّقِيطِ - إذَا ادَّعَاهُ، (مَعَ) بَقَاءِ (رِقِّهِ) لِسَيِّدِهِ، وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةٍ بِنَسَبِهِ. قَالَ فِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيهِ امْرَأَةً حُرَّةً؛ فَتَثْبُتُ حُرِّيَّتُهُ.

فَإِنْ ادَّعَى مُلْتَقِطُهُ رِقَّهُ، أَوْ ادَّعَاهُ أَجْنَبِيٌّ، وَلَيْسَ بِيَدِهِ؛ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّهَا تُخَالِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>