للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا، عَلَى أَنْ يَكُونَ الرُّبْعُ لِأُمِّ وَلَدِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، صَحَّ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَنْفَعَةِ لِأُمِّ وَلَدِهِ كَاسْتِثْنَائِهَا لِنَفْسِهِ.

(وَ) لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَقْفُ (كَلْبٍ) وَخِنْزِيرٍ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ، وَكَذَا جَوَارِحُ الطَّيْرِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا، وَلَا وَقْفُ مَنْفَعَةٍ يَمْلِكُهَا؛ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ مُوصَى لَهُ بِهَا، وَمَنْفَعَةِ أُمِّ وَلَدِهِ فِي حَيَاتِهِ، وَمَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ.

وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقِفَ الْحُرُّ نَفْسَهُ، وَإِنْ صَحَّتْ إجَارَتُهُ، وَلَا أَنْ يَقِفَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ.

(وَ) لَا يَصِحُّ وَقْفُ (نَحْوِ أَرْضِ مِصْرَ) ؛ كَأَرْضِ الشَّام وَالْعِرَاقِ، (وَ) لَا وَقْفُ (مَرْهُونٍ بِلَا إذْنِ) رَاهِنٍ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَصَرُّفٌ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ فِيمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ.

(وَيَتَّجِهُ فَلَوْ وَقَفَ) جَائِزُ التَّصَرُّفِ (نَحْوَ أَرْضِ مِصْرَ) ؛ كَأَرْضِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَكُلِّ مَا فُتِحَ عَنْوَةً، وَوَقَفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (عَلَى نَحْوِ مَدَارِسَ) ؛ كَمَسَاجِدَ وَخَوَانِكَ وَغَيْرِهَا، (إنَّمَا هِيَ) - أَيْ: الْأَرْضُ - (إرْصَادٌ) - أَيْ: اعْتِدَادٌ - وَإِرْصَادُ الْأَرْضِ اعْتِدَادُهَا، فَكَأَنَّهُ أَعَدَّهَا لِصَرْفِ نَمَائِهَا عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا.

(وَإِفْرَازٌ) ، يُقَالُ: أَفْرَزَ الشَّيْءَ إذَا عَزَلَهُ وَمَيَّزَهُ، وَبَابُهُ ضَرَبَ، فَكَأَنَّهُ أَفْرَزَهَا عَنْ مِلْكِهِ (وَوَقَفَهَا) - أَيْ: الْأَرْضَ - (مَسَاجِدَ؛ يَكْتَفِي فِي) ثُبُوتِ وَقْفِهِ لَهَا بِنَاءَ (الْمَسْجِدِيَّةِ بِالصُّورَةِ) أَيْ: صُورَةِ الْمَسْجِدِ - كَبِنَاءِ مِحْرَابٍ أَوْ مِنْبَرٍ، (وَ) يَكْتَفِي بِذَلِكَ أَيْضًا (بِالِاسْمِيَّةِ) ؛ أَيْ: بِتَسْمِيَتِهِ مَسْجِدًا، (فَإِذَا زَالَتْ) تِلْكَ الصُّورَةُ بِانْهِدَامِهَا، وَتَعَطُّلِ مَنَافِعِهَا؛ (عَادَتْ الْأَرْضُ إلَى حُكْمِهَا) الْأَصْلِيِّ، (مِنْ جَوَازِ لُبْثِ جُنُبٍ) فِيهَا، (وَعَدَمِ صِحَّةِ اعْتِكَافٍ) ؛ لِزَوَالِ حُكْمِ الْمَسْجِدِيَّةِ عَنْهَا، وَعَوْدِهَا إلَى الْحُكْمِ الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ؛ إذْ هِيَ وَقْفٌ وَقَفَهَا الْإِمَامُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَقْسِمْهَا بَيْنَهُمْ، كَمَا وَصَلَ إلَيْنَا ذَلِكَ بِالتَّوَاتُرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>