للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ نَدٍّ وَصَنْدَلٍ وَقَطْعِ كَافُورٍ؛ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ لِشَمِّ مَرِيضٍ وَغَيْرِهِ؛ لِبَقَائِهِ مَعَ الِانْتِفَاعِ، وَقَدْ صَحَّتْ إجَارَتُهُ لِذَلِكَ، فَصَحَّ وَقْفُهُ. وَاسْتَظْهَرَ فِي " الْإِنْصَافِ " أَنَّ هَذَا مِنْ الْمُتَّفَقَ عَلَى صِحَّتِهِ؛ لِوُجُودِ شُرُوطِ الْوَقْفِ فِيهِ.

(وَ) لَا يَصِحُّ وَقْفُ (دُهْنٍ عَلَى مَسْجِدٍ) وَلَا وَقْفُ شَمْعٍ كَذَلِكَ، وَلَا وَقْفُ الرَّيْحَانِ لِيَشُمَّهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، (خِلَافًا لِلشَّيْخِ) تَقِيِّ الدِّينِ فِي تَجْوِيزِ وَقْفِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَوْ تَصَدَّقَ بِدُهْنٍ عَلَى مَسْجِدٍ لِيُوقَدَ فِيهِ؛ جَازَ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الْوَقْفِ، وَتَسْمِيَتُهُ وَقْفًا بِمَعْنَى أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ، لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِهَا.

لَا تَأْبَاهُ اللُّغَةُ، وَهُوَ جَارٍ فِي الشَّرْعِ. وَقَالَ أَيْضًا: يَصِحُّ وَقْفُ الرِّيحَانِ لِيَشُمَّهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ قَالَ: وَطِيبُ الْكَعْبَةِ حُكْمُهُ حُكْمُ كِسْوَتِهَا.

قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": فَعَلِمَ أَنَّ التَّطَيُّبَ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، لَكِنْ قَدْ تَطُولُ مُدَّةُ التَّطَيُّبِ، وَقَدْ تَقْصُرُ، وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ. انْتَهَى. وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَ) لَا يَصِحُّ وَقْفُ (أَثْمَانٍ) ، وَلَوْ لِتَحَلٍّ وَوَزْنٍ، (كَقِنْدِيلٍ) عَلَى مَسْجِدٍ، (وَحَلْقَةٍ مِنْ نَقْدٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ تُجْعَلُ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ؛ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (عَلَى الْمَسْجِدِ) ؛ كَمَا لَا يَصِحُّ وَقْفُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِيُنْتَفَعَ بِاقْتِرَاضِهَا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَحْبِيسُ الْأَصْلِ وَتَسْبِيلُ الْمَنْفَعَةِ، وَمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا فِي الْإِتْلَافِ لَا يَصِحُّ فِيهِ ذَلِكَ.

(فَيُزَكِّيهِ) - أَيْ: النَّقْدَ (رَبُّهُ) ؛ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَ وَاقِفُ الْأَثْمَانِ يَصِحُّ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ، أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (إلَّا) إذَا وَقَفَ الْأَثْمَانَ (تَبَعًا) ؛ كَوَقْفِ (فَرَسٍ) فِي سَبِيلِ اللَّهِ - تَعَالَى - (بِلِجَامٍ وَسَرْجٍ مُفَضَّضَيْنِ) ، فَيَصِحُّ الْوَقْفُ فِي الْكُلِّ.

(فَتُبَاعُ الْفِضَّةُ) ؛ لِأَنَّهَا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا، (وَتُصْرَفُ) - أَيْ: ثَمَنُهَا - (فِي وَقْفِ مِثْلِهِ) .

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ وَصَّى بِفَرَسٍ وَسَرْجٍ وَلِجَامٍ مُفَضَّضٍ يُوقَفُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: فَهُوَ عَلَى مَا وُقِفَ وَوَصَّى، وَإِنْ بِيعَتْ الْفِضَّةُ مِنْ السَّرْجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>