للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَرْعٍ لَا يُحْصَدُ إلَّا مَرَّةً؛ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ وَقُطْنِيَّاتٍ وَنَحْوِهَا، وَيَبْقَى لِبَائِعٍ إلَى أَوَّلِ وَقْتِهِ بِلَا أُجْرَةٍ، مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ مُشْتَرٍ، وَإِنْ كَانَ يُجَزُّ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى؛ كَرَطْبَةٍ أَوْ بُقُولٍ، أَوْ تَتَكَرَّرُ ثَمَرَتُهُ كَقِثَّاءٍ وَبَاذِنْجَانٍ؛ فَأُصُولُهُ لِمُشْتَرٍ، وَجَزَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَلُقْطَةٌ أَوْلَى لِبَائِعٍ. انْتَهَى.

هَذَا إذَا وُجِدَ حَالَةَ الْوَقْفِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ مَالِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ؛ فَهُوَ لَهُمْ، فَلَا يَسْتَحِقُّ الْحَمْلَ بِوَضْعِهِ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ قَدْرَ نَصِيبِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ.

(وَكَذَا) ؛ أَيْ: وَكَالْحَمْلِ فِي تَجْدِيدِ الِاسْتِحْقَاقِ، (مَنْ) أَيْ إنْسَانٌ (قَدِمَ إلَى) مَكَانٍ (مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ) كَثَغْرٍ نَزَلَ (فِيهِ) - أَيْ: ذَلِكَ الْمَكَانِ، (أَوْ خَرَجَ مِنْهُ إلَى مِثْلِهِ) ؛ فَيَسْتَحِقُّ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ مُشْتَرٍ؛ لِمَا تَقَدَّمَ، قِيَاسًا لِلِاسْتِحْقَاقِ عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ لِكُلِّ زَمَنٍ مُعَيَّنٍ؛ فَيَكُونَ لَهُ بِقِسْطِهِ) ، وَقِيَاسُهُ مَنْ نَزَلَ فِي مَدْرَسَةٍ وَنَحْوِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَاقِفَ الْمَدْرَسَةِ وَنَحْوِهَا جَعَلَ رِيعَ الْوَقْفِ فِي السَّنَةِ، كَالْجُعْلِ عَلَى اشْتِغَالِ مَنْ هُوَ فِي الْمَدْرَسَةِ عَامًّا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ مِنْ السَّنَةِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي السَّنَةِ؛ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْإِنْسَانُ شَهْرًا فَيَأْخُذَ جَمِيعَ الْوَقْفِ، وَيَحْضُرَ غَيْرُهُ بَاقِيَ السَّنَةِ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَهَذَا يَأْبَاهُ مُقْتَضَى الْوُقُوفِ، وَمَقَاصِدُهَا. انْتَهَى.

وَكَذَا قَالَ الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّينِ: يَسْتَحِقُّ بِحِصَّةٍ مِنْ مُغِلِّهِ، وَمَنْ جَعَلَهُ كَالْوَلَدِ فَقَدْ أَخْطَأَ، وَلِلْوَرَثَةِ مِنْ الْمُغَلِّ مَا بَاشَرَ مُوَرِّثُهُمْ. انْتَهَى وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ اسْتِحْقَاقُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِصِفَةٍ مَحْضَةٍ؛ مِثْلُ كَوْنِهِ فَقِيهًا أَوْ فَقِيرًا؛ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَمْلِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ الْوَقْفَ عِوَضًا عَنْ عَمَلٍ، أَوْ كَانَ اسْتِغْلَالُ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ كُلُّ مَنْ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>