رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا.
وَوَقْفُهُ هَذَا كَانَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاشْتُهِرَ فِي الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، فَكَانَ إجْمَاعًا وَيُفَارِقُ التَّعْلِيقَ بِشَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ، وَهِيَ أَوْسَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْحَيَاةِ؛ بِدَلِيلِ جَوَازِهَا بِالْمَجْهُولِ وَالْمَعْدُومِ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَثَمَغُ - بِالْفَتْحِ - مَالٌ بِالْمَدِينَةِ لِعُمَرَ وَقَفَهُ.
(وَيَلْزَمُ) الْوَقْفُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَوْتِ (مِنْ حِينِ وَقَفَهُ) ؛ أَيْ: مِنْ حِينِ صُدُورِهِ مِنْهُ؛ إذْ مِنْ أَحْكَامِ الْوَقْفِ لُزُومُهُ فِي الْحَالِ، أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ، أَمْ لَمْ يُخْرِجْهُ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْقَطِعُ تَصَرُّفٌ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.
قَالَ أَحْمَدُ: فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ، فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُدَبَّرِ: إنَّ الْمُدَبَّرَ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ شَيْءٌ، وَهُوَ مِلْكُ السَّاعَةِ، وَهَذَا مَتَى وَقَفَهُ عَلَى قَوْمٍ مَسَاكِينَ فَكَيْف يُحْدِثُ بِهِ شَيْئًا قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْفَرْقُ عَسِرٌ جِدًّا.
وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ نَحْوَ أَمَةٍ؛ فَفِي الْقَوَاعِدِ صَارَتْ كَالْمُسْتَوْلَدَةِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَهَا وَلَدُهَا. انْتَهَى.
وَأَمَّا الْكَسْبُ وَنَحْوُهُ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلْوَاقِفِ وَوَرَثَتُهُ إلَى الْمَوْتِ؛ لِقَوْلِ الْمَيْمُونِيِّ: لِلْإِمَامِ، وَالْوُقُوفُ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَقَفَهُ بَعْدَهُ، وَهُوَ مِلْكُ السَّاعَةِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّ الْوَقْفَ الْمُعَلَّقَ بِالْمَوْتِ يَكُونُ لَازِمًا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، (لُزُومًا مُرَاعًى بِالْمَوْتِ) - أَيْ: مَوْتِ الْوَاقِفِ - لِأَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ، فَمَا دَامَ الْوَاقِفُ حَيًّا يَتَصَرَّفُ فِي نَمَائِهِ وَكَسْبِهِ، وَمَتَى مَاتَ انْتَقَلَ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهُ لَهَا وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(فَيُعْتَبَرُ) الْوَقْفُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَوْتِ (مِنْ ثُلُثِهِ) ؛ أَيْ: ثُلُثِ مَالِ الْوَاقِفِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute