إنَّمَا بُنِيَتْ لِإِرْوَاءِ ظَمَأِ الْمَارَّةِ، فَلَوْ اُسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لَنَفَذَتْ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ، وَتَبْقَى الْمَارَّةُ بَقِيَّةَ السَّنَةِ بِلَا مَاءٍ.
وَأَمَّا فِي الْبِلَادِ الْكَثِيرَةِ الْمِيَاهِ، كَدِمَشْقَ الشَّامِ وَأَمْثَالِهَا مِنْ الْبِلَادِ الْكَثِيرَةِ الْمِيَاهِ؛ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِ مَاءِ الْبِرَكِ فِي مَدَارِسِهَا وَمَسَاجِدِهَا الْمُعَدَّةِ لِلْوُضُوءِ فِي الشُّرْبِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ لَاحَظَ فِي بِنَائِهَا أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي الْوُضُوءِ، فَإِنَّهُ لَوْ تَنَاوَلَ مِنْ الْبِرْكَةِ الْوَاحِدَةِ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ فِي آنٍ وَاحِدٍ، لَا يَنْقُصُ مَاؤُهَا؛ إذْ كُلَّمَا أُخِذَ مِنْهَا شَيْءٌ خَلَفَهُ أَضْعَافُهُ. وَكَذَلِكَ السُّبْلَانُ الَّتِي بُنِيَتْ فِي الْأَزِقَّةِ لِلشُّرْبِ، الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ مَعَ جَرَيَانِهِ إلَيْهَا دَائِمًا، وَالْمَصَانِعُ الْكِبَارُ فِي الصَّحَارِي الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا مَحَارِيبُ؛ يُبَاحُ اسْتِعْمَالُ مَائِهَا شُرْبًا وَوُضُوءًا؛ إذْ وَضْعُ وَاقِفِيهَا عَلَيْهَا الْمَحَارِيبَ قَرِينَةٌ مِنْهُمْ عَلَى إبَاحَةِ اسْتِعْمَالِهَا لِذَلِكَ كُلِّهِ.
وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا قَوْلُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ الْآتِي قَرِيبًا: يَجُوزُ تَغْيِيرُ شَرْطِ الْوَاقِفِ إلَى مَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهُ.
وَنَقَلَ فِي " الْفُرُوعِ " قَوْلًا: إنْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ جَازَ الْوُضُوءُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ: فَشُرْبُ مَاءٍ مَوْقُوفٍ لِلْوُضُوءِ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ، وَأَوْلَى انْتَهَى.
(وَلَا يُرْكَبُ) فَرَسٌ (حَبِيسٌ فِي) حَاجَةٍ (غَيْرِ) تَأْدِيبِهِ وَغَيْرِ (جَمَالٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَرِفْعَتِهِمْ وَغَيْظِ عَدُوِّهِمْ أَوْ فِي عَلَفِهِ) - أَيْ: الْفَرَسِ - (وَسَقْيِهِ، وَلَا يُعَارُ أَوْ يُؤَجَّرُ إلَّا لِنَفْعِهِ) .
قَالَهُ الْآجُرِّيُّ، وَسُئِلَ عَنْ التَّعْلِيمِ بِسِهَامِ الْغَزْوِ، فَقَالَ: هُوَ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ.
(وَعَنْهُ) - أَيْ: الْإِمَامِ - (يَجُوزُ إخْرَاجُ بُسُطِ مَسْجِدٍ وَحُصُرِهِ لِمُنْتَظِرِ جِنَازَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مِنْهَا.
(وَيَجُوزُ صَرْفُ مَوْقُوفٍ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ لِبِنَاءِ مَنَارَتِهِ) وَإِصْلَاحِهَا، وَالْمَذْهَبُ لَا يَجُوزُ.
(وَبِنَاءِ مِنْبَرِهِ، وَشِرَاءِ سُلَّمٍ لِلسَّطْحِ، وَبِنَاءِ ظُلَّةٍ) ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute