مَالِ الْكِتَابَةِ.
(كَذَا قِيلَ) ، إشَارَةٌ لِلتَّبَرِّي، كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَهُ مَيْلٌ إلَى مَا قَالَهُ فِي " الْكَافِي "، وَالزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْخِرَقِيِّ: لَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا، وَالْوَقْفُ فِيهِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ. انْتَهَى.
لَكِنْ قَالَ الْحَارِثِيُّ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمُكَاتَبِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، فَإِذَا أَدَّى مَا عَلَيْهِ؛ عَتَقَ، وَبَطَلَ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ، فَلَا تَبْطُلُ بِوَقْفِهِ؛ كَبَيْعِهِ.
(وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ كَمَا يَعْتِقُ الْقِنُّ الْمُكَاتَبُ بِمُجَرَّدِ أَدَائِهِ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ لِمِلْكِهِ نَفْسَهُ بِالْأَدَاءِ؛ كَذَلِكَ يَكُونُ (عِتْقُ مُحَرَّمٍ وُقِفَ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ - أَيْ: وَقَفَهُ شَخْصٌ عَلَى قَرِيبِهِ الْمُعَيَّنِ؛ فَإِنَّهُ يَصِيرُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ وَقْفِهِ (عَلَيْهِ) ؛ لِمِلْكِهِ بِذَلِكَ. قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَيَمْلِكُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ. هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُهُ، وَالشَّرِيفَانِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ بَكْرُوسٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
وَلَا يُعْتَقُ (مَا) - أَيْ: قِنٌّ - وَقَفَهُ شَخْصٌ (عَلَى الْفُقَرَاءِ) ، وَفِيهِمْ مَحْرَمٌ لَهُ، (وَهُوَ) - أَيْ: الْوَاقِفُ - (فَقِيرٌ) مِنْ جُمْلَتِهِمْ؛ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيمَا وُقِفَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ؛ كَالْمَسَاجِدِ وَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ، بِمُجَرَّدِ وَقْفِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَمْ يُصَادِفْ مَالِكًا مُحَرَّمًا مُخْتَصًّا يُعْتَقُ عَلَيْهِ. وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute