فِي " الْفُصُولِ " وَالْمُوَفَّقُ فِي " الْمُغْنِي " وَابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ " وَصَحَّحَهُ الطُّوفِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ "؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ صَادِرٌ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْوَقْفِ مِنْ حِينِهِ، فَمَنْ وَقَفَ شَيْئًا عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا، كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمِيعِ نَسْلِهِ، إلَّا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ كُلِّ طَبَقَةٍ مَشْرُوطٍ بِانْقِرَاضِ مَنْ فَوْقَهَا.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَإِنْ رَتَّبَ فَقَالَ: وَقَفْتُ هَذَا عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَوَلَدِي مَا تَنَاسَلُوا أَوْ تَعَاقَبُوا، الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، أَوْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، أَوْ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ، أَوْ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الْبَطْنُ الثَّانِي، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي، أَوْ عَلَى أَوْلَادِي فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي؛ فَكُلُّ هَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ وَيَكُونُ عَلَى مَا شَرَطَ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْبَطْنُ الثَّانِي شَيْئًا حَتَّى يَنْقَرِضَ الْبَطْنُ كُلُّهُ، وَلَوْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ كَانَ الْجَمِيعُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ ثَبَتَ بِقَوْلِهِ، فَيُتَّبَعُ فِيهِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ.
وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ مَا تَعَاقَبُوا وَتَنَاسَلُوا، عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ كَانَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ جَارِيًا عَلَى وَلَدِهِ، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَضَى التَّشْرِيكَ لَاقْتَضَى التَّسْوِيَةَ.
وَلَوْ جَعَلْنَا لِوَلَدِ الْوَلَدِ سَهْمًا مِثْلَ سَهْمِ أَبِيهِ، ثُمَّ دَفَعْنَا إلَيْهِ سَهْمَ أَبِيهِ، صَارَ لَهُ سَهْمَانِ وَلِغَيْرِهِ سَهْمٌ، وَهَذَا يُنَافِي التَّسْوِيَةَ.
وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَفْضِيلِ وَلَدِ الِابْنِ عَلَى الِابْنِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ إرَادَةِ الْوَاقِفِ خِلَافُ هَذَا، فَإِذَا ثَبَتَ التَّرْتِيبُ فَإِنَّهُ تَرْتِيبٌ بَيْنَ كُلِّ وَالِدٍ وَوَلَدِهِ، فَإِذَا مَاتَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ إلَى وَلَدِهِ سَهْمُهُ، سَوَاءٌ بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَحَدٌ، أَوْ لَمْ يَبْقَ.
(فَإِذَا امْتَنَعَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ) ، حَالَ اسْتِحْقَاقِهِمْ، (مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ) لَهُمْ بِالْوَقْفِ، (لِثُبُوتِ وَقْفِهِ؛ فَلِمَنْ بَعْدَهُ) مِنْ الْبُطُونِ، وَلَوْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِمْ لِلْوَقْفِ، (الْحَلِفُ) مَعَ الشَّاهِدِ بِالْوَقْفِ لِثُبُوتِهِ (لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ) .
وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِالْحَلِفِ، بَلْ بَعْدَ انْقِرَاضٍ مَنْ قَبْلَهُمْ، فَفَائِدَةُ ذَلِكَ عَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِ مَنْ بِيَدِهِ الْوَقْفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ، وَحَيْثُ ثَبَتَ الْوَقْفُ بِالْحَلِفِ الْمَذْكُورِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute