وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ} [الأنفال: ٣٧] وَقَوْلُ الْقَائِلِ: طَرَحْتُ الثِّيَابَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ؛ فَإِنَّ الْفَوْقِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالْبَعْضِ مَعَ عُمُومِ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ، كَذَا هَاهُنَا.
وَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانٍ ثُمَّ الْفُقَرَاءِ؛ لَا يَشْتَمِلُ وَلَدَ وَلَدِهِ.
وَنَحْوُ مَا تَقَدَّمَ تَقْدِيمُ الْخَبَرِ؛ كَقَوْلِهِ: وَقَفْتُ دَارِي عَلَى أَوْلَادِي وَالسَّاكِنِ مِنْهُمْ عِنْدَ حَاجَتِهِ بِلَا أُجْرَةٍ فُلَانٍ.
(وَ) كَذَا مُخَصَّصٌ مِنْ (جَارٍّ) وَمَجْرُورٍ؛ (نَحْوُ) وَقَفْتُ هَذَا (عَلَى أَنَّهُ) مَنْ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ مِنْ أَوْلَادِي؛ صُرِفَ إلَيْهِ.
وَكَذَا إنْ قَالَ: وَقَفْته (بِشَرْطِ أَنَّهُ) مَنْ تَأَدَّبَ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ صُرِفَ إلَيْهِ، (وَنَحْوُهُ) ؛ فَيُرْجَعُ إلَى ذَلِكَ كُلِّهِ كَالشَّرْطِ.
(فَلَوْ تَعَقَّبَ الشَّرْطُ) وَنَحْوُهُ (جُمَلًا؛ عَادَ) الشَّرْطُ وَنَحْوُهُ (إلَى الْكُلِّ) ؛ أَيْ: إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ. وَكَذَا الصِّفَةُ إذَا تَعَقَّبَتْ جُمَلًا؛ عَادَتْ إلَى الْكُلِّ.
قَالَ فِي " الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: " فِي عَوْدِ الصِّفَةِ لِلْكُلِّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُتَقَدِّمَةً أَوْ مُتَأَخِّرَةً.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مُوجِبُ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَيْ: فِي عَوْدِ الشَّرْطِ وَنَحْوِهِ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَبِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ عَلَى عُمُومِ كَلَامِهِمْ.
(وَ) يَجِبُ الْعَمَلُ بِالشَّرْطِ (فِي عَدَمِ إيجَارِهِ) - أَيْ: الْوَقْفِ (أَوْ) فِي (قَدْرِ مُدَّتِهِ) - أَيْ: الْإِيجَارِ، فَإِنَّ شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ؛ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لَكِنْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ يُزَادُ بِحَسَبِهَا، وَلَمْ يَزَلْ عَمَلُ الْقُضَاةِ عَلَيْهِ مِنْ أَزْمِنَةٍ مُتَطَاوِلَةٍ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَالشُّرُوطُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا إذَا لَمْ تُفْضِ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ.
وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَيَتَّجِهُ) أَنَّهُ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالشَّرْطِ، (إنْ لَمْ يُحْتَجْ) إلَى زِيَادَةٍ عَلَى الْقَدْرِ الْمَشْرُوطِ، أَمَّا إذَا اُحْتِيجَ؛ بِأَنْ تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُ الْمَوْقُوفِ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَعْمِيرُهُ إلَّا بِذَلِكَ؛ جَازَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute