للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ الشَّيْخُ) تَقِيُّ الدِّينِ: (قَوْلُ الْفُقَهَاءِ: نُصُوصُ الْوَقْفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ، يَعْنِي فِي الْفَهْمِ وَالدَّلَالَةِ، لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ) .

وَهَذَا مُقَابِلٌ لِمَا تَقَدَّمَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ.

(مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَهُ) - أَيْ: الْوَاقِفِ - (وَلَفْظَ الْمُوصِي وَالْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ وَكُلِّ عَاقِدٍ؛ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا) ، سَوَاءٌ (وَافَقَتْ لُغَةَ الْعَرَبِ، أَوْ لُغَةَ الشَّارِعِ، أَوْ لَا) .

(وَقَالَ) الشَّيْخُ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ جِهَادٍ غَيْرِ شَرْعِيٍّ وَنَحْوِهِ؛ لَمْ يَصِحَّ، وَالْخِلَافُ فِي الْمُبَاحِ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ وَلَا يَجُوزُ اعْتِقَادُ غَيْرِ الْمَشْرُوعِ مَشْرُوعًا وَقُرْبَةً وَطَاعَةً، وَاتِّخَاذُهُ دِينًا.

وَقَالَ: (الشُّرُوطُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا؛ إذْ لَمْ تُفْضِ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ) ، وَلَا يَجُوزُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَعْضِهَا مَعَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ بِهَا.

وَقَالَ: (فَمَنْ شَرَطَ فِي الْقُرُبَاتِ أَنْ يُقَدِّمَ فِيهَا الصِّنْفَ الْمَفْضُولَ، فَقَدْ شَرَطَ خِلَافَ شَرْطِ اللَّهِ؛ كَشَرْطِهِ فِي الْإِمَامَةِ تَقْدِيمَ غَيْرِ الْأَعْلَمِ) .

وَقَالَ أَيْضًا: إنْ نَزَّلَ مُسْتَحِقًّا تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا؛ لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ عَمَّا نَزَلَ فِيهِ بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ.

(وَقَالَ) : كُلُّ مُتَصَرِّفٍ بِوِلَايَةٍ إذَا قِيلَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ؛ فَإِنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ فِعْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ، حَتَّى (لَوْ صَرَّحَ وَاقِفٌ بِفِعْلِ مَا يَهْوَاهُ) النَّاظِرُ مُطْلَقًا (أَوْ مَا يَرَاهُ؛ فَشَرْطٌ بَاطِلٌ) عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ؛ لِمُخَالِفَتِهِ الشَّرْعِيِّ، وَغَايَتِهِ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا مُبَاحًا، وَهُوَ بَاطِلٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، حَتَّى لَوْ تُسَاوَى فِعْلَانِ عَمِلَ بِالْقُرْعَةِ.

(وَ) قَالَ: الشَّرْطُ (الْمَكْرُوهُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا وَعِنْدَهُ) - أَيْ: الشَّيْخِ - (إنَّمَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِشَرْطٍ مُسْتَحَبٍّ) .

قَالَ: وَعَلَى النَّاظِرِ بَيَانُ الْمَصْلَحَةِ أَيْ: التَّثَبُّتُ وَالتَّحَرِّي فِيهَا؛ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، فَيَعْمَلُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ مَصْلَحَةٌ، وَمَعَ الِاشْتِبَاهَ إنْ كَانَ النَّاظِرُ عَالِمًا عَادِلًا سَاغَ لَهُ اجْتِهَادُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>