للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَفُقَرَاءَ وَمَسْجِدٍ، مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ هُنَا مِنْ الْمَصَالِحِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْأَخْذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (بِيعَ) الْمَوْقُوفُ، وَصُرِفَ ثَمَنُهُ فِي عَيْنٍ أُخْرَى (كَمَا تَقَدَّمَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ، وَتَعَذَّرَ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ.

وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَوْقُوفُ فَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.

(وَإِنْ كَانَ) الْمَوْقُوفُ (عَقَارًا) وَاحْتَاجَ لِعِمَارَةٍ (لَمْ تَجِبْ عِمَارَتُهُ) عَلَى أَحَدٍ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ لَا (بِلَا شَرْطٍ) مِنْ وَاقِفِهِ (كَالطِّلْقِ) ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ: تَجِبُ إبْقَاءً لِلْأَصْلِ لِيَحْصُلَ دَوَامُ الصَّدَقَةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: تَحْتَ عِمَارَةِ الْوَقْفِ بِحَسَبِ الْبُطُونِ (فَإِنْ شَرَطَهَا) أَيْ: الْعِمَارَةَ وَاقِفٌ (عُمِلَ بِهِ) أَيْ: بِالشَّرْطِ عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَ؛ لِوُجُوبِ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ، سَوَاءٌ شَرَطَ الْبَدَاءَةَ بِالْعِمَارَةِ أَوْ تَأْخِيرَهَا، فَيُعْمَلُ بِمَا شَرَطَ، لَكِنْ إنْ شَرَطَ تَقْدِيمَ الْجِهَةِ عُمِلَ بِهِ.

قَالَ الْحَارِثِيُّ: مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى التَّعْطِيلِ، فَإِذَا أَدَّى إلَيْهِ؛ قُدِّمَتْ الْعِمَارَةُ حِفْظًا لِأَصْلِ الْوَقْفِ، وَقَالَ: اشْتِرَاطُ الصَّرْفِ إلَى الْجِهَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا، فِي مَعْنَى اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ، وَمَعَ الْإِطْلَاقِ تُقَدَّمُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ (وَأَمَّا نَحْوُ مَسْجِدٍ وَمَدَارِسَ) وَزَوَايَا (فَتُقَدَّمُ عِمَارَةٌ عَلَى أَرْبَابِ وَظَائِفَ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ شَرَطَ الْبَدَاءَةَ بِالْعِمَارَةِ أَوْ بِالْجِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا، أَوْ لَمْ يَشْرُطْ شَيْئًا. قَالَ الْمُنَقِّحُ (مَا لَمْ يُفْضِ) تَقْدِيمُ الْعِمَارَةِ (إلَى تَعْطِيلِ مَصَالِحِهِ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْعِمَارَةِ وَأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ (حَسَبَ الْإِمْكَانِ) لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ الْوَقْفُ أَوْ مَصَالِحُهُ.

(وَيَتَّجِهُ هَذَا) الْجَمْعُ بَيْنَ الْعِمَارَةِ وَأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ فِيمَا إذَا اُحْتِيجَ إلَى (عِمَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ، كَحَائِطِ مَسْجِدٍ) وَمَدْرَسَةٍ (وَسَقْفِهِ) أَيْ: الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَدْرَسَةِ فَيُعَادُ ذَلِكَ (بِلَا تَزْوِيقٍ) بِنَقْشٍ وَصَبْغٍ وَكِتَابَةٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُلْهِي الْمُصَلِّيَ عَنْ صَلَاتِهِ غَالِبًا؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَمِثْلُهُ التَّجْصِيصُ. وَقَالَ فِي الشَّرْحِ: وَيُكْرَهُ تَجْصِيصُ الْمَسَاجِدِ وَزَخْرَفَتُهَا؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا سَاءَ عَمَلُ قَوْمٍ قَطُّ إلَّا زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>