عَبْدِ اللَّهِ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى وَلَدِهِ، فَمَاتَ الْأَوْلَادُ وَتَرَكُوا النِّسْوَةَ حَوَامِلَ؟ فَقَالَ: كُلُّ مَا كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ بَنَاتٍ كُنَّ أَوْ بَنِينَ؛ فَالضَّيْعَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِمْ، وَمَا كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ؛ فَلَيْسَ لَهُمْ فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] . دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ وَإِنْ سَفَلُوا؛ وَلِمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] تَنَاوَلَ وَلَدَ الْبَنِينَ، فَالْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ إذَا خَلَا عَنْ قَرِينَةٍ؛ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُطْلَقِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُفَسَّرُ بِمَا يُفَسَّرُ بِهِ، وَلِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ وَلَدٌ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ} [الأعراف: ٢٧] وَ {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: ٤٠] .
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» وَقَالُوا: " نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بَنُو كِنَانَةَ "، وَالْقَبَائِلُ كُلُّهَا تُنْسَبُ إلَى جُدُودِهَا، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ - وَهُمْ قَبِيلَةٌ - دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ، فَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُونُوا قَبِيلَةً؛ وَإِنَّمَا يُسَمَّى وَلَدُ الْوَلَدِ وَلَدًا مَجَازًا، وَلِهَذَا يَصِحُّ نَفْيُهُ، فَيُقَالُ: مَا هَذَا وَلَدِي، فَأَمَّا وَلَدُ الْبَنَاتِ فَلَا يَدْخُلُونَ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي قَوْله تَعَالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] قَالَ الشَّاعِرُ:
بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتُنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ
(وَيَسْتَحِقُّونَهُ) ؛ أَيْ: يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ الْبَنِينَ الْوَقْفَ (مُرَتَّبًا) بَعْدَ آبَائِهِمْ.
(وَإِنْ سَفَلُوا) لَكِنْ يَحْجُبُ أَعْلَاهُمْ أَسْفَلَهُمْ (كَقَوْلِهِ) وَقَفْته عَلَى أَوْلَادِي (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْ نَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ أَوْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ الْأَعْلَى فَالْأَعْلَى، أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، أَوْ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ، مَا لَمْ يَكُونُوا قَبِيلَةً كَوَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، أَوْ يَأْتِي بِمَا يَقْتَضِي التَّشْرِيكَ كَعَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ، فَلَا تَرْتِيبَ.
وَإِنْ قَالَ وَقَفْت (عَلَى وَلَدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute