(يَجُوزُ صَرْفُهُ فِي مِثْلِهِ) فَإِنْ فَضَلَ عَنْ مَسْجِدٍ صُرِفَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ عَنْ رِبَاطٍ فَهِيَ رِبَاطٌ وَهَكَذَا، وَيَجُوزُ صَرْفُهُ (لِفَقِيرٍ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُنْقَطِعِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنَّمَا لَمْ يُرْصَدْ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْطِيلِ، فَيُخَالِفُ الْمَقْصُودَ، وَلَوْ تَوَقَّفَتْ الْحَاجَةُ فِي زَمَنٍ آخَرَ - وَلَا رِيعَ يَسُدُّ مَسَدَّهَا - لَمْ يُصْرَفْ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الصَّرْفُ فِي الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَإِنَّمَا سُومِحَ بِغَيْرِهَا حَيْثُ لَا حَاجَةَ؛ حَذَرًا مِنْ التَّعْطِيلِ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ شَيْبَةَ بْنَ عُثْمَانَ الْحَجَبِيَّ كَانَ يَتَصَدَّقُ بِخُلْعَانِ الْكَعْبَةِ.
وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عَائِشَةَ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ. وَلِأَنَّهُ مَالُ اللَّهِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَصْرِفٌ فَجَازَ صَرْفُهُ لِلْفُقَرَاءِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَجُوزُ صَرْفُ الْفَاضِلِ فِي مِثْلِهِ (وَفِي سَائِرِ الْمَصَالِحِ وَفِي بِنَاءِ مَسَاكِنَ لِمُسْتَحِقِّ رِيعِهِ الْقَائِمِ بِمَصْلَحَتِهِ) انْتَهَى.
(وَيَحْرُمُ حَفْرُ بِئْرٍ) بِمَسْجِدٍ، وَلَوْ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ فِي الْغَصْبِ: وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَسْجِدِ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ؛ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَلِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ مُسْتَحِقَّةٌ لِلصَّلَاةِ " فَتَعْطِيلُهَا عُدْوَانٌ، وَنُصَّ عَلَى الْمَنْعِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ (وَ) يَحْرُمُ (غَرْسُ شَجَرَةٍ بِمَسْجِدٍ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ) لِلْمُصَلِّينَ كَاسْتِظْلَالِهِمْ بِهَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَفْرَ أَوْ الْغَرْسَ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ؛ وَلَيْسَتْ الْبِئْرُ أَوْ الشَّجَرَةُ (بِبُقَعِ الْمُصَلِّينَ) وَلَمْ يَحْصُلْ بِهِ ضِيقٌ، يَجُوزُ (فَإِنْ فَعَلَ) ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute