بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (مِنْ صَدَقَةٍ لِشَيْخِ زَاوِيَةٍ) أَوْ شَيْخِ رِبَاطٍ (فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ) لِأَنَّهُ فِي الْعَادَةِ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ اخْتِصَاصًا، فَهُوَ كَوَكِيلِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الدَّافِعِينَ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَهُ التَّفْضِيلُ) فِي الْقَسْمِ (بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) لِأَنَّ الصَّدَقَةَ يُرَادُ بِهَا سَدُّ الْخُلَّةَ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ إلَيْهِ مَا يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ؛ وَالظَّاهِرُ تَفْوِيضُ الْأَمْرِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ (وَمَا لَمْ تَجُزْ عَادَةً بِتَفْرِيقِهِ لِقِلَّتِهِ فَيَخْتَصُّ هُوَ بِهِ) لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ صَدَرَ إلَيْهِ، وَلَا قَرِينَةَ تَصْرِفُهُ عَنْهُ (ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَهِبَةُ مَحْجُورٍ) عَلَيْهِ (مَالُهُ بَاطِلَةٌ) لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ (وَلَوْ) صَدَرَتْ مِنْهُ (بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَهِبَةُ سَفِيهٍ كَذَلِكَ، وَلَوْ أَذِنَ فِيهَا وَلِيُّهُ.
(وَتَصِحُّ) الْهِبَةُ (مِنْ قِنٍّ بِإِذْنِ سَيِّدِ) هـ، لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ حَقٌّ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ، فَإِذَا أَذِنَهُ انْفَكَّ، بِخِلَافِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ، وَ (لَا) تَصِحُّ الْهِبَةُ بِحَيْثُ تَكُونُ تَمْلِيكًا (لَهُ) أَيْ: الْقِنِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ، وَأَمَّا قَبُولُهُ الْهِبَةَ؛ فَيَصِحُّ بِلَا رَيْبٍ.
قَالَ فِي " الْمُبْدِعِ ": وَمَا اتَّهَبَهُ عَبْدٌ غَيْرُ مُكَاتَبٍ وَقَبِلَهُ؛ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، وَيَصِحُّ قَبُولُهُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْهِبَةَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْمَالِ لِلسَّيِّدِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ إذْنُهُ فِيهِ كَالِالْتِقَاطِ، وَمَا وَهَبَهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اكْتِسَابِهِ، فَأَشْبَهَ اصْطِيَادَهُ وَقَوْلُهُ: (خِلَافًا لَهُ) أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ صَاحِبُ " الْإِقْنَاعِ " لَمْ يَقُلْ بِجَوَازِ مِلْكِ الْهِبَةِ لِلْقِنِّ، وَإِنَّمَا قَالَ بِجَوَازِ قَبُولِهَا فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ قَبُولِهِ لَهَا أَنْ يَمْلِكَهَا، وَعِبَارَتُهُ: وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْهِبَةَ وَالْهَدِيَّةَ بِغَيْرِ إذْنِهِ انْتَهَى.
وَقَدْ ظَهَرَ لَك بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute