الْوَجِيزِ ": (وَيَحْبِسُهُ هُوَ عَلَيْهَا) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِهِنْدَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» .
وَلِلْوَلَدِ مُطَالَبَةُ أَبِيهِ (بِعَيْنِ مَالٍ لَهُ) - أَيْ: الْوَلَدِ - (بِيَدِهِ) - أَيْ: الْأَبِ، وَيَجْرِي الرِّبَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ لِتَمَامِ مِلْكِ الْوَلَدِ عَلَى مَالِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ -، وَوُجُوبِ زَكَاتِهِ عَلَيْهِ وَحَلَّ الْوَطْءُ وَتَوْرِيثُ وَرَثَتِهِ. وَحَدِيثُ: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» . عَلَى مَعْنَى سَلْطَنَةِ التَّمَلُّكِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إضَافَةُ الْمَالِ لِلْوَلَدِ (لَكِنْ يَثْبُتُ لَهُ) - أَيْ: الْوَلَدِ - (فِي ذِمَّةِ وَالِدِهِ دَيْنٌ) مِنْ ثَمَنٍ أَوْ أُجْرَةٍ أَوْ قَرْضٍ (وَقِيمَةُ مُتْلَفٍ) إعْمَالًا لِلسَّبَبِ، فَإِنَّ مِلْكَ الْوَلَدِ تَامٌّ، وَالسَّبَبُ إمَّا إتْلَافٌ فَلِمَالِ الْغَيْرِ وَإِمَّا قَرْضٌ وَنَحْوُهُ فَعَقْدٌ يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١] .
(فَلَا يَسْقُطُ) دَيْنُ الْوَلَدِ الثَّابِتُ لَهُ فِي ذِمَّةِ أَبِيهِ (بِمَوْتِهِ) - أَيْ: الْأَبِ - (فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ) مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَكَذَا) لَا يَسْقُطُ (أَرْشُ جِنَايَةٍ) مِنْ الْأَبِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى مَالِ الْوَلَدِ أَوْ نَفْسِهِ، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَمْلِكُ إحْضَارَ أَبِيهِ لِمَجْلِسِ حُكْمٍ بِدَيْنٍ أَوْ قِيمَةِ مُتْلَفٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لِلِابْنِ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ مِلْكِهِ الْمُطَالَبَةُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ سُقُوطَ حَقِّهِ عَنْهُ مَا دَامَ حَيًّا، وَتَظْهَرُ الْفَائِدَةُ فِيمَا لَوْ وَفَّاهُ وَالِدُهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ، بَلْ يَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي. (لَكِنْ يَسْقُطُ) أَرْشُ الْجِنَايَةِ (بِمَوْتِهِ) - أَيْ: الْأَبِ - فَلَا يَرْجِعُ بِهِ فِي تِرْكَتِهِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى ": وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَيْنِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهِمَا كَوْنُ الْأَبِ أَخَذَ عَنْ هَذَا عِوَضًا، بِخِلَافِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (وَ) عَلَى هَذَا (يَنْبَغِي) أَنْ يَكُونَ (مِثْلَهُ دَيْنُ ضَمَانٍ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْوَالِدِ دَيْنُ الضَّمَانِ إذَا ضَمِنَ غَرِيمٌ وَلَدَهُ لَهُ (وَمَا قَضَاهُ أَبٌ مِنْ ذَلِكَ) الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِوَلَدِهِ (فِي مَرَضِهِ) - أَيْ: الْأَبِ - (أَوْ وَصِيِّ) الْأَبِ (بِقَضَائِهِ) مِنْ دَيْنِ وَلَدِهِ، قَالَ شَيْخُنَا أَحْمَدُ: أَوْ أُرُوشِ جِنَايَةٍ وَغَيْرِهَا (فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ) لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ عَلَيْهِ لَا تُهْمَةَ فِيهِ، فَكَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَدَيْنِ الْأَجْنَبِيِّ، وَلِوَلَدِ الْوَلَدِ مُطَالَبَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute