للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَصِيَّةُ (وَعَادَ) الْمُوصَى بِهِ (تَرِكَةً) وَيَكُونُ الْمُوصَى بِهِ لِلْوَارِثِ (وَلَوْ خَصَّ بِهِ الرَّادُّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ) كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لَمْ يَتَخَصَّصْ وَكَانَ بَيْنَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ عَادَ إلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، فَلَا اخْتِصَاصَ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ امْتَنَعَ الرَّدُّ فِي الْمُوصَى بِهِ لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْمُوصَى بِهِ؛ فَلَهُ أَنْ يَخُصَّ بِهِ بَعْضَ الْوَرَثَةِ، فَيَكُونُ ابْتِدَاءَ تَمْلِيكٍ؛ لِأَنَّ لَهُ تَمْلِيكَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، فَلَهُ تَمْلِيكُهُ لِوَارِثٍ. وَحِينَئِذٍ لَوْ قَالَ: رَدَدْت الْوَصِيَّةَ لِفُلَانٍ فَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مَا يُفِيدُ تَمْلِيكَ فُلَانٍ؛ فَيَصِحُّ.

وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الْمُجَرَّدِ " يُقَالُ لَهُ: مَا أَرَدْت؟ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت تَمْلِيكَهُ إيَّاهَا وَتَخْصِيصَهُ بِهَا، فَقَبِلَهَا اخْتَصَّ بِهَا. وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت رَدَّهَا إلَى جَمِيعِهِمْ لِيَرْضَى فَلَأَنْ عَادَتْ إلَى جَمِيعِهِمْ إذَا قَبِلُوهَا، فَإِنْ قَبِلَهَا بَعْضُهُمْ فَلَهُ حِصَّتُهُ. انْتَهَى. وَفِيهِ بَحْثٌ قَالَهُ الْحَارِثِيُّ.

(وَيَحْصُلُ رَدٌّ بِنَحْوِ) قَوْلِ مُوصَى لَهُ (لَا أَقْبَلُ) هَذِهِ الْوَصِيَّةِ كَرَدَدْتُهَا وَأَبْطَلْتهَا (وَإِنْ امْتَنَعَ) مُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوصَى (مِنْ قَبُولٍ وَرَدٍّ) لِلْوَصِيَّةِ (حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ) شَرْعًا مِنْ غَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ (وَسَقَطَ حَقُّهُ) مِنْ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَنْتَقِلُ إلَى مِلْكِهِ بِالْقَبُولِ، وَلَمْ يُوجَدْ (وَإِنْ مَاتَ) مُوصَى لَهُ (بَعْدَ) مَوْتِ (مُوصٍ وَقَبْلَ رَدٍّ وَقَبُولٍ) لِلْوَصِيَّةِ (قَامَ وَرَثَتُهُ) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ (مَقَامَهُ) فِي رَدٍّ وَقَبُولٍ لِلْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْمُوَرِّثِ، فَيَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ تَرَكَ حَقًّا فَلِوَرَثَتِهِ» .

وَكَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ؛ فَلَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ كَعَقْدِ الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ إذْ الشَّرْطُ فِيهِ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا، وَبِهَذَيْنِ فَارَقَتْ الْهِبَةَ وَالْبَيْعَ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَأَيْضًا الْوَصِيَّةُ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوجِبِ لَهَا، فَلَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ وَارِثُهُ جَمَاعَةً اُعْتُبِرَ الْقَبُولُ وَالرَّدُّ مِنْ جَمِيعِهِمْ (فَمَنْ قَبِلَ مِنْهُمْ) فَلَهُ حُكْمُهُ مِنْ لُزُومِ الْوَصِيَّةِ فِي نَصِيبِهِ (أَوْ رَدَّ) مِنْهُمْ (فَلَهُ حُكْمُهُ) مِنْ سُقُوطِ حَقِّهِ مِنْ نَصِيبِهِ لِعَوْدِهِ لِوَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ (وَيَقُومُ وَلِيٌّ) مَحْجُورٌ عَلَيْهِ (مَقَامَهُ) فِي ذَلِكَ (فَيَفْعَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>