لَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْوَصِيَّةِ، أَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ مَثَلًا بِثُلُثِهِ ثُمَّ وَصَّى لِآخَرَ بِثُلُثِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الرَّدِّ لِلتَّزَاحُمِ، وَإِنْ أُجِيزَ لَهُمَا أَخْذُ كُلِّ الثُّلُثِ لِتَغَايُرِهِمَا أَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ، ثُمَّ وَصَّى بِهِ لِآخَرَ؛ فَهُوَ بَيْنَهُمَا؛ لِلتَّزَاحُمِ.
(وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا) أَيْ: الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ أَوَّلًا وَالْمُوصَى لَهُ بِهِ ثَانِيًا (قَبْلَ) مَوْتِ (مُوصٍ) كَانَ الْكُلُّ لِلْآخَرِ (أَوْ) تَأَخَّرَ مَوْتُهُمَا عَنْ مَوْتِ مُوصٍ وَ (رَدَّ) أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّةَ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ: الْمُوصِي وَقَبِلَ الْآخَرُ [ (كَانَ الْكُلُّ) أَيْ: كُلُّ الْمُوصَى بِهِ] (لِلْآخَرِ) الَّذِي قَبِلَ الْوَصِيَّةَ (لِأَنَّهُ اشْتِرَاكُ تَزَاحُمٍ) وَقَدْ زَالَ الْمُزَاحِمُ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَعْدَهُ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ؛ وَتَقَدَّمَ.
وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: رَدَّ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَنَّ رَدَّهُ قَبْلَهُ لَا أَثَرَ لَهُ، وَتَقَدَّمَ.
(وَإِنْ قَتَلَ وَصِيٌّ) أَيْ: مُوصَى لَهُ (مُوصِيًا) قَتْلًا مَضْمُونًا بِقِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ (وَلَوْ) كَانَ الْقَتْلُ (خَطَأً، بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ الَّذِي هُوَ آكَدُ مِنْهَا؛ فَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى وَمُعَامَلَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَيَأْتِي حُكْمُ الْمُدَبَّرِ إذَا قَتَلَ سَيِّدَهُ فِي بَابِ الْمُوصَى بِهِ (لَا إنْ جَرَحَهُ؛ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ فَمَاتَ مِنْ الْجَرْحِ) فَلَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْجَرْحِ صَدَرَتْ مِنْ أَهْلِهَا فِي مَحِلِّهَا لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَتْ فَإِنَّ الْقَتْلَ طَرَأَ عَلَيْهَا فَأَبْطَلَهَا (وَكَذَا فِعْلُ مُدَبَّرِ بِسَيِّدِهِ) فَإِنْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ، ثُمَّ دَبَّرَهُ، وَمَاتَ السَّيِّدُ، لَمْ يَبْطُلْ تَدْبِيرُهُ، لِمَا تَقَدَّمَ؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ وَتَقَدَّمَ.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَكَذَلِكَ الْعَطِيَّةُ الْمُنَجَّزَةُ فِي الْمَرَضِ إذَا وُجِدَ الْقَتْلُ مِنْ الْمُعْطَى.
(وَيَتَّجِهُ صِحَّةُ وَصِيَّةٍ) مِنْ شَخْصٍ (لِوَارِثِهِ بَعْدَ أَنْ جَرَحَهُ) الْوَارِثُ وَمَاتَ مِنْ الْجَرْحِ (لِكَوْنِهِ) أَيْ: الْجَارِحِ (إذَنْ) أَيْ: حِينَ لَزِمَهُ الْوَصِيَّةُ وَهُوَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (غَيْرَ وَارِثٍ) لِأَنَّهُ جَرَحَهُ جُرْحًا أَفْضَى إلَى هَلَاكِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ الْإِرْثِ بِسَبَبِهِ؛ وَالْوَصِيَّةُ إنَّمَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْجُرْحِ؛ لَمْ يَعْتَرِيهَا مُزِيلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute