أُخْرَى» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّهُ يَجِبُ إيقَاعُهَا فِي الْوَقْتِ، فَإِذَا خَرَجَ، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا كُلِّهَا كَانَ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ مُخَالِفًا لِلْأَمْرِ، وَتَأْخِيرُهَا مِنْ الْقَادِرِ عَلَى فِعْلِهَا كَبِيرَةٌ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، (لَا إنْ طَرَأَ مَانِعٌ) مِنْ فِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا (كَحَيْضٍ) فَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَى انْقِطَاعِهِ، وَالتَّطَهُّرِ مِنْهُ (إلَّا لِمَنْ لَهُ الْجَمْعُ) بَيْنَ صَلَاتَيْنِ لِنَحْوِ سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، (وَيَنْوِيهِ) ، أَيْ: الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى الْمُتَّسِعِ لَهَا، فَيَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يُؤَخِّرُ الْأُولَى فِي الْجَمْعِ، وَيُصَلِّيهَا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَلِأَنَّ وَقْتَيْهِمَا يَصِيرَانِ وَقْتًا وَاحِدًا لَهُمَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِثْنَائِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَقْتٌ مَعْلُومٌ، فَيَتَبَادَرُ الذِّهْنُ إلَيْهِ فَتَعَيَّنَ إخْرَاجُهُ، (أَوْ لِمُشْتَغِلٍ بِشَرْطِهَا) - أَيْ: الصَّلَاةِ - (الَّذِي يُحَصِّلُهُ) - أَيْ الشَّرْطَ - (قَرِيبًا كَمُشْتَغِلٍ بِوُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَخِيَاطَةِ سُتْرَةٍ) انْخَرَقَتْ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا بُدَّ لَهُ، وَ (لَا) يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِتَحْصِيلِ شَرْطِهَا حَيْثُ كَانَ (بَعِيدًا كَذَهَابِ) عُرْيَانَ لِبَلَدٍ أُخْرَى (لِشِرَاءِ سُتْرَةٍ) ، وَلَا تَحْصُلُ لَهُ إلَّا (بَعْدَ) خُرُوجِ (وَقْتٍ) فَيُصَلِّي عُرْيَانَ، (أَوْ) عَلِمَ عَدَمَ وُصُولِ (نَوْبَةِ مُسَافِرٍ) إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي كَعَادِمِ الْمَاءِ، (وَ) كَذَا (عَاجِزٌ عَنْ تَعَلُّمِ نَحْوِ تَكْبِيرٍ وَتَشَهُّدٍ) وَفَاتِحَةٍ وَأَدِلَّةِ قِبْلَةٍ خَفِيَتْ عَلَيْهِ، فَيُصَلِّي فِي الْوَقْتِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ تَقْدِيمًا لِلْوَقْتِ، لِسُقُوطِ الشَّرْطِ إذَنْ بِالْعَجْزِ عَنْهُ.
(وَلَهُ) - أَيْ: لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ - (تَأْخِيرُ فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ مَعَ الْعَزْمِ عَلَيْهِ) - أَيْ: الْفِعْلِ - فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ، كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ مِمَّا وَقْتُهُ مُوَسَّعٌ، (مَا لَمْ يَظُنَّ مَانِعًا) مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ (كَمَوْتٍ وَقَتْلٍ وَحَيْضٍ) فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَادِرَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ نَامَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَظَنَّ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِعْلُهَا قَبْلَ النَّوْمِ، لِئَلَّا تَفُوتَهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ أَدَاؤُهَا، (أَوْ) مَا لَمْ (يُعَرْ سُتْرَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute