الِاسْتِحْقَاقِ إلَى أَعْيَانِهِمْ (وَنُدِبَ تَعْمِيمُ مَنْ أَمْكَنَ) مِنْهُمْ وَالدَّفْعُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَتَقْدِيمُ أَقَارِبِ الْمُوصِي؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الصِّلَةِ، وَلَا يُعْطَى إلَّا الْمُسْتَحِقُّ مِنْ أَهْلِ بَلْدَةِ الْمُوصِي كَالزَّكَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ فَقِيرٌ تَقَيَّدَ بِالْأَقْرَبِ إلَيْهِ، وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فَيَجُوزُ التَّفْضِيلُ؛ كَمَا لَا يَجِبُ التَّعْمِيمُ، وَإِنْ وَصَّى لِفُقَرَاءَ دَخَلَ فِيهِ الْمَسَاكِينُ، وَكَذَا بِالْعَكْسِ.
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (لِكُتُبِ قُرْآنٍ وَ) كُتُبِ (عِلْمٍ) نَافِعٍ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ شَرْعًا، فَصَحَّ الصَّرْفُ فِيهِ كَالصَّدَقَةِ (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (لِمَسْجِدٍ) كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ (وَيُصْرَفُ فِي مَصْلَحَتِهِ) لِأَنَّهُ الْعُرْفُ، وَيَبْدَأُ النَّاظِرُ بِالْأَهَمِّ وَالْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادٍ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لِقَنْطَرَةٍ وَسِقَايَةٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ.
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمُصْحَفٍ لِيُقْرَأَ فِيهِ) لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ وَيُوضَعُ بِجَامِعٍ أَوْ مَوْضِعٍ حَرِيزٍ لِيَحْفَظَهُ (وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (لِفَرَسٍ حَبِيسٍ) لِأَنَّهُ جِهَةُ قُرْبَةٍ (وَيَتَّجِهُ وَنَحْوِهِ) كَبَعِيرٍ وَرِبَاطٍ وَ (يُنْفِقُ) الْمُوصَى بِهِ لِلْفَرَسِ الْحَبِيسِ وَنَحْوَهُ (عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ (فَإِنْ مَاتَ) الْفَرَسُ الْحَبِيسُ وَالْبَعِيرُ (وَيَتَّجِهُ أَوْ خَرِبَ) الرِّبَاطُ وَهُمَا مُتَّجِهَانِ (رَدَّ مُوصَى بِهِ) إنْ لَمْ يَكُنْ أُنْفِقَ مِنْهُ شَيْءٌ (أَوْ) رَدَّ (بَاقِيَهُ لِلْوَرَثَةِ) لِبُطْلَانِ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ وَصَّى لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ، فَرَدَّهُ، وَلَا يُصْرَفُ فِي فَرَسٍ حَبِيسٍ آخَرَ نَصًّا، وَإِنْ شَرَدَ الْفَرَسُ الْمُوصَى لَهُ أَوْ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ؛ انْتَظَرَ عَوْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ، وَإِنْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ رَدَّ الْمُوصَى بِهِ إلَى الْوَرَثَةِ، إذْ لَا مَصْرِفَ لَهُ.
وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِفَرَسِ زَيْدٍ - وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُوصَى بِهِ زَيْدٌ - وَيُصْرَفُ الْمُوصَى بِهِ لِلْفَرَسِ فِي عَلَفِهِ رِعَايَةً لِقَصْدِ الْمُوصِي، فَإِنْ مَاتَ الْفَرَسُ قَبْلَ إنْفَاقِ الْكُلِّ عَلَيْهِ فَالْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، لَا لِمَالِكِ الْفَرَسِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ لَهُ عَلَى صِفَةٍ وَهِيَ الصَّرْفُ فِي مَصْلَحَةِ دَابَّتِهِ؛ رِعَايَةً لِقَصْدِ الْمُوصِي.
قَالَ الْحَارِثِيُّ: بِحَيْثُ يَتَوَلَّى الْوَصِيُّ أَوْ الْحَاكِمُ الْإِنْفَاقَ، لَا الْمَالِكُ (كَوَصِيَّتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute