ثِقَةٍ؛ لِأَنَّ فِي الْحَجِّ أَمَانَةً؛ فَإِنَّ مَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ النِّيَّةُ، وَلَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَمَا لَمْ يَكُنْ ثِقَةً لَا يَبْرَأُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ.
(وَوَصِيَّةٌ بِصَدَقَةٍ) بِمَالٍ (أَفْضَلُ مِنْ وَصِيَّتِهِ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ أَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ مِنْ حَجَّةٍ.
(وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِأَلْفٍ، فَأَعْتَقُوا) ؛ أَيْ: الْوَرَثَةُ نَسَمَةً بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لَزِمَهُمْ عِتْقُ نَسَمَةٍ (أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ) حَيْثُ احْتَمَلَ الثُّلُثُ الْأَلْفَ اسْتِدْرَاكًا لِبَاقِي الْوَاجِبِ.
(وَإِنْ قَالَ) الْمُوصِي: اعْتِقُوا (أَرْبَعَةَ) أَعْبُدٍ (بِكَذَا) كَخَمْسِمِائَةٍ (جَازَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمْ) بِأَنْ يُشْتَرَى وَاحِدٌ بِمِائَةٍ وَآخَرُ بِمِائَتَيْنِ وَعِشْرِينَ، وَآخَرُ بِثَمَانِينَ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ (مَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلٍّ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ (ثَمَنًا مَعْلُومًا) فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَا قَالَ.
(وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ وَوَصِيَّةً لَهُ) بِأَنْ قَالَ: يُشْتَرَى عَبْدُ زَيْدٍ وَيَعْتِقُ وَيُعْطَى مِائَةً (فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ؛ أَخَذَ الْعَبْدُ الْوَصِيَّةَ) بِالْمِائَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ قَدْ أَوْصَى بِوَصِيَّتَيْنِ عِتْقِهِ وَإِعْطَائِهِ الْمِائَةَ، فَإِذَا فَاتَ عِتْقُهُ لِسَبْقِ سَيِّدِهِ بِهِ بَقِيَتْ الْأُخْرَى.
(وَ) لَوْ وَصَّى (بِعِتْقِ عَبْدٍ) مِنْ عَبِيدِهِ (بِأَلْفٍ) نَفَذَ ذَلِكَ إنْ خَرَجَ الْأَلْفُ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ (اُشْتُرِيَ) عَبْدٌ (بِثُلُثِهِ) ؛ أَيْ: ثُلُثِ الْمَالِ (إنْ لَمْ يَخْرُجْ) الْأَلْفُ مِنْ الثُّلُثِ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ.
(وَلَوْ وَصَّى بِشِرَاءِ فَرَسٍ) لَهُ (لِلْغَزْوِ بِمُعَيَّنٍ) كَأَلْفٍ (وَ) وَصَّى (بِمِائَةٍ نَفَقَةً) لِلْفَرَسِ (فَاشْتُرِيَ) الْفَرَسُ (بِأَقَلَّ مِنْهُ) ؛ أَيْ: الْأَلْفِ وَالْحَالُ أَنَّ الثُّلُثَ يَحْتَمِلُ الْأَلْفَ وَالْمِائَةَ (فَبَاقِيهِ) ؛ أَيْ: الْأَلْفِ (نَفَقَةٌ) لِلْفَرَسِ نُصَّ عَلَيْهِ، (لَا إرْثَ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْأَلْفَ وَالْمِائَةَ فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْفَرَسُ فِيهِمَا، فَهُمَا مَالٌ وَاحِدٌ، بَعْضُهُ لِلثَّمَنِ، وَبَعْضُهُ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَتَقْدِيرُ الثَّمَنِ لِتَحْصِيلِ صِفَةٍ، فَإِذَا حَصَلَتْ فَقَدْ حَصَلَ الْغَرَضُ، فَيَخْرُجُ الثَّمَنُ مِنْ الْمَالِ وَتَبْقَى بَقِيَّتُهُ لِلنَّفَقَةِ.
بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَّى بِعِتْقِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ، فَاشْتَرَوْا مَا يُسَاوِيهِ بِثَمَانِمِائَةٍ فَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ، فَإِنَّهُ لَا مَصْرَفَ لَهُ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
(وَإِنْ وَصَّى لِأَهْلِ سِكَّتِهِ) (فَا) لْمُوصَى بِهِ (لِأَهْلِ زُقَاقِهِ) بِضَمِّ الزَّايِ - أَيْ: زُقَاقِ الْمُوصِي - وَالْجَمْعُ أَزِقَّةٌ. قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ: أَهْلُ الْحِجَازِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute