للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إصْلَاحِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ كَشِرَاءِ حُصْرِهَا وَشُعَلِ قَنَادِيلِهَا وَخِدْمَتِهَا وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ؛ فَلَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِهِ، كَوَصِيَّتِهِ بِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ لِلْفُجُورِ أَوْ شِرَاءِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ (أَوْ كُتُبٍ نَحْوِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) كَالزَّبُورِ وَالصُّحُفِ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ ذِمِّيٍّ فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَالِاشْتِغَالُ بِهَا غَيْرُ جَائِزٍ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ، «وَقَدْ غَضِبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ رَأَى مَعَ عُمَرَ شَيْئًا مَكْتُوبًا مِنْ التَّوْرَاةِ» .

(وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكِتَابَةِ كُتُبِ (سِحْرٍ) وَتَعْزِيمٍ وَتَنْجِيمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْكُتُبِ الْمُحَرَّمَةِ؛ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، (وَلَا) لِكِتَابَةِ (عِلْمِ كَلَامٍ) ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ مِنْ الْعِلْمِ، وَيَأْتِي إذْ لَوْ وَصَّى إنْسَانٌ لِآخَرَ بِكُتُبِ عِلْمٍ لَا تَدْخُلُ فِيهَا كُتُبُ الْكَلَامِ.

(وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِعَامَّةِ (الْيَهُودِ وَ) لَا (النَّصَارَى) ، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ؛ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لَهُ، وَتَقَدَّمَ. (أَوْ) ؛ أَيْ: وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ الْكُفْرِ أَوْ الْجَهْلِ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ.

فَلَوْ وَصَّى (لِأَجْهَلِ النَّاسِ) لَمْ تَصِحَّ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْبُسْتِيُّ: أَجْهَلُ النَّاسِ مَنْ كَانَ عَلَى السُّلْطَانِ مُدِلًّا وَلِلْإِخْوَانِ مُذِلًّا؛ أَيْ: كَأَتْبَاعِ الظَّلَمَةِ الَّذِينَ يَبِيعُونَ دِينَهُمْ بِدِينِ غَيْرِهِمْ، وَلَا يُبَالُونَ بِتَحْصِيلِ الْمَالِ بِأَيِّ وَجْهٍ أَمْكَنَ، وَلَا يَبْتَغُونَ سِوَى مَرْضَاةِ مَنْ يُوَلِّيهِمْ الْوِلَايَاتِ، وَيُبَارِزُونَ لِأَجْلِهِ جَبَّارَ السَّمَوَاتِ، مَعَ أَنَّهُ يَنْتَقِمُ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، وَيُذِيقُهُمْ شَدِيدَ الْعَذَابِ مَعَ الذُّلِّ وَالْهَوَانِ، وَبِمُجَرَّدِ خَلَاصِهِمْ مِمَّا لَهُ مِنْ أَشْرَاكٍ يَتَوَسَّلُونَ إلَيْهِ لِيُعِيدَهُمْ إلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الِانْهِمَاكِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَجْهَلُ النَّاسِ وَأَطْوَعُهُمْ لِمَتْبُوعِهِمْ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ، فَمَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الرَّدِيئَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِحَّ لَهُ الْوَصِيَّةُ، بَلْ يَعُودُ كَبَاقِي التُّرَاثِ، وَيَحُوزُهَا أَقَارِبُ الْمُوصِي مِنْ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَصِيَّةِ إنَّمَا هُوَ الْبِرُّ وَالصِّلَةُ، وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَفِي دَفْعِهَا إلَيْهِمْ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى تَمَادِيهِمْ فِي الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي بِأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ لِتَمَكُّنِ الْجَهْلِ مِنْهُمْ وَاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِمْ، وَفِي تَارِيخِ ابْنِ النَّجَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>