لِأَنَّ الْمُوصِيَ جَعَلَ لِوَصِيِّهِ تَعْيِينَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا. [فَصَحَّتْ] وَالْوَصِيَّةُ بِبَيْعِ شَيْءٍ لِمَنْ يُعَيِّنُهُ الْمُوصِي أَوْ وَصِيُّهُ فِي ذَلِكَ، فِيهَا غَرَضٌ مَقْصُودٌ عُرْفًا، فَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ، ثُمَّ هَذَا تَارَةً يَكُونُ الْغَرَضُ الْإِرْفَاقَ بِالْعَبْدِ بِإِيصَالِهِ إلَى مَنْ هُوَ مَعْرُوفٌ بِحُسْنِ الْمَلَكَةِ وَإِعْتَاقِ الرِّقَابِ، وَتَارَةً يَكُونُ الْغَرَضُ الْإِرْفَاقَ بِالْمُشْتَرِي لِمَعْنًى يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْعَبْدِ، فَلَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْعَبْدِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، أَوْ أَبَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِثَمَنٍ عَيَّنَهُ الْمُوصِي أَوْ بِقِيمَتِهِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ؛ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ.
(لَا) إنْ وَصَّى وَرَثَتَهُ (أَنْ يَبِيعُوهُ) ؛ أَيْ: الْعَبْدَ (وَيُطْلِقُ) فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُسْتَحِقٍّ، وَلَا مُسْتَحِقَّ هَاهُنَا.
(وَلَوْ) (وَصَّى لِشَخْصٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً ثُمَّ هُوَ) ؛ أَيْ: الْعَبْدُ بَعْدَ خِدْمَتِهِ لِمُوصَى لَهُ سَنَةً (حُرٌّ، فَوَهَبَهُ) ؛ أَيْ: وَهَبَ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ (الْخِدْمَةَ) عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ (أَوْ رَدَّ) الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ (عَتَقَ) الْعَبْدُ (مُنَجَّزًا) وَإِنْ وَهَبَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْخِدْمَةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَتَقَ بِمُجَرَّدِ [الْهِبَةِ (لَا) أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ أَوْ الرَّدِّ إلَّا (بَعْدَ) مُضِيِّ (سَنَةٍ) مِنْ ابْتِدَاءِ الْخِدْمَةِ] (خِلَافًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِصَاحِبِ " الْإِقْنَاعِ " فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ قَالَ: يَخْدُمُ عَبْدِي فُلَانًا سَنَةً، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ؛ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ، أَوْ وَهَبَ لَهُ الْخِدْمَةَ؛ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بَعْدَ السَّنَةِ انْتَهَى. وَالْمُعْتَمَدُ مَا عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
(وَمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ) وَصَّى (بِوَقْفِهِ؛ لَزِمَ) الْعَمَلُ بِوَصِيَّتِهِ وُجُوبًا (وَلَمْ يَقَعْ) الْعِتْقُ أَوْ الْوَقْفُ (حَتَّى يُنَجِّزَهُ وَارِثُهُ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِذَلِكَ أَمْرٌ بِفِعْلِهِ، فَلَمْ يَقَعْ إلَّا بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ كَالتَّوْكِيلِ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ هُنَا يَلْزَمُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ (فَإِنْ أَبَى) وَارِثٌ تَنْجِيزَهُ (فَحَاكِمٌ) يُنَجِّزُهُ، وَيَكُونُ حُرًّا أَوْ وَقْفًا مِنْ حِينِ عَتَقَ أَوْ وُقِفَ، وَوَلَاؤُهُ لِمُوصٍ (وَكَسْبُهُ) ؛ أَيْ: الْمُوصَى بِعِتْقِهِ أَوْ وَقْفِهِ (بَيْنَ مَوْتِ) [مُوصٍ (وَتَنْجِيزِ) ] مَا وَصَّى بِهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ (إرْثٌ) لِبَقَائِهِ فِي الْمِلْكِ إلَى التَّنْجِيزِ.
(وَ) قَالَ (فِي الرَّوْضَةِ) : الْقِنُّ (الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ، وَلَهُ) ؛ أَيْ: الْقِنِّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ (حُكْمُ) الْقِنِّ (الْمُدَبَّرِ فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute