لِعَدَمِ نَفْعِهَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ؛ فَلَا تَصِحُّ بِذَلِكَ كَالْهِبَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَى إرَاقَةِ الْخَمْرِ وَإِعْدَامِهِ، فَلَمْ يُنَاسِبْ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قُلْنَا بِأَنَّهُ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ. (وَيَتَّجِهُ) أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِمَا ذُكِرَ (إلَّا لِمُضْطَرٍّ لِأَكْلِهَا) أَوْ لِإِزَالَةِ لُقْمَةٍ غُصَّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ [يَجُوزُ] التَّنَاوُلُ مِنْ ذَلِكَ مِقْدَارَ إزَالَةِ الضَّرَرِ لَا غَيْرُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ.
(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (بِإِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ) إنَاءِ (فِضَّةٍ) لِأَنَّهُ مَالٌ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ؛ بِأَنْ يَكْسِرَهُ وَيَبِيعَهُ أَوْ يُغَيِّرَهُ عَنْ هَيْئَتِهِ، فَيَجْعَلُهُ حُلِيًّا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَصَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِهِ كَالْأَمَةِ الْمُغَنِّيَةِ.
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَا يَعْجِزُ) مُوصٍ (عَنْ تَسْلِيمِهِ) لَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ. (وَلِوَصِيٍّ) ؛ أَيْ: مُوصَى لَهُ (السَّعْيُ فِي تَحْصِيلِهِ) فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ. مِثَالُ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ (كَآبِقٍ) مِنْ رَقِيقٍ (وَشَارِدٍ) مِنْ دَوَابَّ (وَطَيْرٍ بِهَوَاءٍ وَحَمْلٍ بِبَطْنٍ وَلَبَنٍ بِضَرْعٍ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُجْرِيَتْ مَجْرَى الْمِيرَاثِ، وَهَذَا يُوَرَّثُ، فَيُوصَى بِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحَمْلِ أَنْ يَكُونَ حَمْلَ أَمَةٍ أَوْ حَمْلَ بَهِيمَةٍ مَمْلُوكَةٍ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، فَجَرَى مَجْرَى إعْتَاقِهِ. وَيُعْتَبَرُ وُجُودُهُ فِي الْأَمَةِ بِمَا يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْحَمْلِ الْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ كَانَ حَمْلَ بَهِيمَةٍ اُعْتُبِرَ وُجُودُهُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ وُجُودُهُ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ.
(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِمَعْدُومٍ) لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ بِالسَّلَمِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْمُسَاقَاةِ، فَجَازَ أَنْ يَمْلِكَ بِالْوَصِيَّةِ، وَذَلِكَ كَوَصِيَّتِهِ (بِمَا تَحْمِلُ أَمَتُهُ) أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (أَوْ) بِمَا تَحْمِلُ (شَجَرَتُهُ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً) كَسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَضْمَنُ الْوَارِثُ السَّقْيَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ تَسْلِيمَهَا، بِخِلَافِ مُشْتَرَكٍ، (وَ) كَوَصِيَّةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute