مَالِكٍ لِلرَّقَبَةِ، وَالْوَطْءُ لَا يُبَاحُ بِغَيْرِهِمَا، وَمَالِكُ الرَّقَبَةِ لَا يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ تَحْمِلَ مِنْهُ، وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى هَلَاكِهَا (وَلَا حَدَّ بِهِ) ؛ أَيْ: بِوَطْئِهَا (عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا) لِلشُّبْهَةِ. قَالَ عَبْدُ الْجَلِيلِ الْمَوَاهِبِيُّ: يُعَزَّرُ كَتَعْزِيرِ وَاطِئِ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بِمِائَةٍ إلَّا سَوْطًا لِأَنَّهَا مُشْتَرَكَةٌ. لِأَحَدِهِمَا الْمَنْفَعَةُ وَلِلْآخَرِ الرَّقَبَةُ انْتَهَى. (وَمَا تَلِدُهُ) مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَهُوَ (حُرٌّ) لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (وَتَصِيرُ إنْ كَانَ الْوَاطِئُ مَالِكًا لِرَقَبَةِ أُمِّ وَلَدٍ) لَهُ بِمَا تَلِدُهُ مِنْهُ لِأَنَّهَا عُلِّقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ فِي مِلْكِهِ، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ لِمَالِكِ النَّفْعِ دُونَ رَقَبَةِ الْوَلَدِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ، يَأْخُذُ شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ مِنْهَا؛ لِكَوْنِهِ فَوَّتَهُ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنَّهَا إنْ وَلَدَتْ مِنْهُ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ وَضْعِهِ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَكَانَ لَهُ، وَلَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ (وَوَلَدُهَا مِنْ زَوْجٍ) لَمْ يُشْتَرَطْ حُرِّيَّتُهُ (أَوْ) مِنْ (زِنًا لَهُ) ؛ أَيْ: لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنْهَا، وَلَيْسَ مِنْ النَّفْعِ الْمُوصَى بِهِ، وَلَا هُوَ مِنْ الرَّقَبَةِ الْمُوصَى بِنَفْعِهَا، فَكَانَ لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ (وَنَفَقَتُهَا) وَفِطْرَتُهَا؛ أَيْ: الْمُوصَى بِنَفْعِهَا (عَلَى مَالِكِ نَفْعِهَا) قَالَ فِي " الْإِنْصَافِ ": وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي " التَّصْحِيحِ " وَاخْتَارَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْمُنَوِّرِ " وَ " مُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ " قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": لِأَنَّهُ يَمْلِكُ النَّفْعَ عَلَى التَّأْبِيدِ، فَكَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ كَالزَّوْجِ، وَلِأَنَّ نَفْعَهَا عَلَيْهِ، فَكَانَ عَلَيْهِ ضَرُّهَا كَالْمَالِكِ لَهَا جَمِيعُهَا، يُحَقِّقُهُ أَنَّ إيجَابَ النَّفَقَةِ عَلَى مَنْ لَا نَفْعَ لَهُ ضَرَرٌ مُجَرَّدٌ، فَيَصِيرُ مَعْنَى الْوَصِيَّةِ أَوْصَيْتُ لَكَ بِنَفْعِ أَمَتِي، وَأَبْقَيْتُ عَلَى وَرَثَتِي ضَرَّهَا (وَكَذَا كُلُّ حَيَوَانٍ مُوصَى بِنَفْعِهِ) ؛ أَيْ: نَفَقَتُهُ عَلَى الْمُوصِي بِنَفْعِهِ.
(وَإِنْ وَصَّى) رَبُّ أَمَةٍ (لِإِنْسَانٍ بِرَقَبَتِهَا وَ) وَصَّى (لِآخَرَ بِمَنْفَعَتِهَا، صَحَّ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِرَقَبَتِهَا يَنْتَفِعُ بِثَمَنِهَا مِمَّنْ يَرْغَبُ فِي ابْتِيَاعِهَا وَبِعِتْقِهَا، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِنَفْعِهَا يَنْتَفِعُ بِهَا (وَصَاحِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute