لَهُ بِأَنْ لَمْ يُوصِ إلَى أَحَدٍ، أَوْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُوصَى إلَيْهِ (فَلِمُسْلِمٍ حَضَرَهُ أَخْذُ تَرِكَتِهِ وَبَيْعُ مَا يَرَاهُ) مِنْهَا (مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهُ) لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ لِحِفْظِ مَالِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ؛ إذْ فِي تَرْكِهِ إتْلَافٌ لَهُ، فَيَفْعَلُ الْأَصْلَحَ فِي التَّرِكَةِ، فَإِنْ كَانَ حِفْظُهَا وَحَمْلُهَا لِلْوَرَثَةِ أَصْلَحَ، وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (أَوْ كَانَ) الْبَيْعُ (أَصْلَحَ) وَجَبَ بَيْعُهَا حِفْظًا لَهَا، (وَلَوْ) كَانَ فِي التَّرِكَةِ (إمَاءً) ؛ أَيْ: فَلَهُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهُنَّ حَاكِمٌ إنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهَا إلَى وَرَثَتِهِ أَوْ مُكَاتَبَتِهِمْ لِيَحْضُرُوا وَيَأْخُذُوهَا انْتَهَى.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَنْ بَيْعِهِنَّ عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِيَارِ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّ بَيْعَهُنَّ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ فُرُوجِهِنَّ، انْتَهَى.
وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي (وَيُجَهِّزُهُ) ؛ أَيْ: الْمُسْلِمُ الَّذِي حَضَرَهُ (مِنْهَا) ؛ أَيْ: مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَتْ وَأَمْكَنَ تَكْفِينُهُ مِنْهَا (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) تَرِكَةٌ أَوْ كَانَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْهِيزُهُ مِنْهَا (فَ) يُجَهِّزُهُ الَّذِي حَضَرَهُ (مِنْ عِنْدِهِ وَيَرْجِعُ) بِمَا جَهَّزَهُ بِهِ بِالْمَعْرُوفِ (عَلَيْهَا) ؛ أَيْ: عَلَى تَرِكَتِهِ حَيْثُ كَانَتْ، (أَوْ) يَرْجِعُ بِهِ (عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) غَيْرَ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، (إنْ نَوَاهُ) : أَيْ: الرُّجُوعَ سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَ حَاكِمًا أَوْ لَا، أَشْهَدَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوْ لَا (أَوْ اسْتَأْذَنَ حَاكِمًا) فِي تَجْهِيزِهِ؛ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى تَرِكَتِهِ إنْ كَانَتْ، أَوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْجِعْ إذَنْ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ فِعْلِهِ مَعَ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَنْوِ التَّبَرُّعَ، فَإِنْ نَوَاهُ؛ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَوْ عَلَى مَنْ يَلْزَمُهُ كَفَنُهُ لَكَانَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؛ إذْ الزَّوْجُ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَنُهَا؛ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى زَوْجِهَا بَلْ عَلَى أَبِيهَا وَنَحْوِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute